Home أخبار يوسف الرمادي يكتب: من ذكريات مقاومة الغشّ في الباك…’نزهة رائقة’!

يوسف الرمادي يكتب: من ذكريات مقاومة الغشّ في الباك…’نزهة رائقة’!

1 second read
2
0

كتب: يوسف الرمادي

سأرجع للسنوات التي كان فيها وزير التربيّة المرحوم محمّد الشرفي حيث اشتدّ الخناق في تلك الفترة على الإخوان وقام النظام بتتبّعهم بتشدّد واضح… وممّا أشيع وقتها مسألة ‘تجفيف المنابع’ ومن أهمّها تطهير ما تفشّى في البرامج التعليميّة وخاصة في مادة التربيّة الوطنيّة من أفكار وممارسات متناقضة مع مدنيّة الدولة…

برامج ‘ملغمّة’

وقد تجنّد أساتذة التربيّة الدينيّة من ذوي الميولات الإخوانيّة وكذلك واضعي برامج التربيّة الاسلاميّة في فترة معيّنة لـ ‘تلغيم’ هذه البرامج، وتزامن ذلك مع طبع كلّ كتب رموز وزعماء المنظّرين للفكر الظلامي العالميّين وانتشرتْ هذه الكتب في الأوساط المدرسيّة والمساجد….

وكانت هذه الكتب مدعّمة من أموال صندوق دعم العمل الثقّافي المجتبى من أموال دافعي الضرائب للنهوض بالثقّافة وبِيعت بأرخص الأثمان حتّى تنتشر أكثر… ولمن يريد معرفة المزيد عن هذا الموضوع أحيله على كتاب المرحوم أحمد خالد رئيس ديوان وزير الثقّافة في عهد البشير بن سلامة وكاتب الدولة للتربيّة في عهد الوزير محمّد الشرفي، وللتاريخ أقول أنّ أحمد خالد هو الذي تجنّد لإصلاح برامج التربية وقال كلمته الشهيرة ” هل هي تربيّة أم تعبئة؟” في إشارة لما أراد المتطرّفون توظيف التربيّة الاسلاميّة له أي تعبئة الأنصار للانقضاض على مكاسب الدولة لأنّ هذه المادة قد دُسّ في برامجها مسائل منافيّة لمجلّة الأحوال الشخصيّة والتسامح بين الأديان كانت تهدف ـ من وراءها ـ الحركة الإسلاميّة التعبئة لكسب الأنصار بهدف القضاء على مدنيّة الدولة من الداخل عن طريق أخطر ميدان هو ميدان التربيّة…

لكن أحمد خالد وقع تحيّده نوعا ما عن الإصلاح التربوي خاصة عندما عيّن “حميدة النيفر” الإسلامي اليساري لإصلاح مادة التربيّة الاسلاميّة بصفته مستشار الوزير؟ وهو ما لم يقبله أحمد خالد الوطني الغيور على مكتسبات دولة الاستقلال… ولمزيد التعرّف على ما وقع يمكن الرجوع إلى كلّ ما قاله وكتبه أنس الشابي في هذا الموضوع لأنّه عايش تلك الفترة ونبّها إلى طرق تسلّل المفاهيم الظلاميّة للبرامج و الرجوع كذلك للتقرير الذي كتبه أحمد خالد ـ رحمه الله ـ حول هذا الموضوع والذي صدر بعد ذلك في  كتاب.

تسريبات الباكالوريا

لنرجع للباكالوريا والمسألة الأبديّة الملازمة لها وهي التسريب و الغشّ…كان في ذلك الظرف الصِدام محتدّ بين الدولة والاخوان وقد تسرّب أتباع النهضة وقتها في كلّ المؤسّسات وخاصة وزارتي التربيّة والتعليم العالي وقد وقع العثور على مندسين من كَتَبَة وقائمين على شؤون الطبع في كلّ الإدارات وحتّى مسؤولين مكلّفين بخطط وظيفيّة وكانت تقع بين أيديهم وثائق هامة للدولة وخاصة ما يتعلّق بالامتحانات الوطنيّة التي يمكن أن تسريب زيادة على طبع مناشير التطرّف لنشرها في المساجد والمدارس فكان من الطبيعي أن يفكّر- القائمون على وزارة التربيّة- في امتحان الباكالوريا وأن يتخوّف من تسريب مواضيع هذا الامتحان لذلك وتفاديا لما قد يمسّ من مصداقيّة هذا “الرمز الوطني” ووقع البحث عن حلّ جدري لغلق باب التسريب وهو أخطر باب يمكن أن يُدخل الفوضى على امتحان الباكالوريا… ذلك أنّه في إمكان مندسّ واحد من بين العمّال والموظفين القائمين على إعداد للباكالوريا من طبع ووضع في الظروف أن يسرّب ورقة بسيطة يخفيها في أي مكان من جسده قد تفسد الامتحان…

فكرة ‘النزهة’

لذلك جاءت فكرة ضرورة جمع كلّ المكلّفين بأعداد مواد الباكالوريا في مكان واحد ومنعهم من أي اتّصال مع محيطهم القريب والبعيد طوال مدّة اجراء امتحان الباكالوريا حتى نضمن عدم تسرّب بعض المواضيع، وكان الاقتراح أن يُمَتَّعوا بعشر أيام في نزل ليس فيه حرفاء وبعيدا عن كلّ الزيارات وكان الاختيار على نزل “عين أقطر” بقربص أين توفّرتْ أحسن ظروف الإقامة وقد أخْرِجَتْ هذه الخطّة على أنّها مكافأة لهم مقابل ما قاموا به من أعمال شاقة طيلة أشهر حرموا فيها من الراحة وعملوا ليلا نهارا… وكانوا شبه محبوسين في دهليز وزارة التربيّة في القصبة.. وهذه حقيقة لا يمكن أن ينكرها أحد.

وقد اختلف موقف المتمتّعين بهذه ‘النزهة’ فمنهم من رحّب بها واعتبرها فرصة لإبعادهم عن الشبهات ومنهم من استاء منها وعبّر عن استيائه بصراحة واعتبرها عدم ثقة وفيهم ومنهم من لم يعبّر عن أي موقف… وكظم غيظه والمواطن يعرف من هم ومرّ الامتحان الباكالوريا بسلام رغم تربّص المتطرّفين بالدولة ومكوّناتها ومحاولات هدم كلّ أركانها وكانت الباكالوريا ركن أساسي فيها.  

المصدر : الصريح

Load More Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Check Also

القصرين: اكتشاف أول بؤرة للحشرة القرمزية

القصرين: اكتشاف أول بؤرة للحشرة القرمزية   اكتشفت المصالح الفلاحية بولاية القصرين، اليوم ا…