Home أخبار هادي دانيال يكتب: متى تكفّ واشنطن عن التنمّر على الجزائر؟

هادي دانيال يكتب: متى تكفّ واشنطن عن التنمّر على الجزائر؟

1 second read
2
0

كتب: هادي دانيال

إنّ تطورات الأزمة الاقتصادية السريعة التي تشهدها الولايات المتحدة الأمريكية إلى درجة الحديث عن إمكانية تخلّف واشنطن عن سداد التزامات ديونها، والوصول إلى ما يُعرف بـ”التاريخ إكس”، وهو “التاريخ الذي تنفد فيه السيولة في وزارة الخزانة الأميركية…

وبالتالي لا تستطيع تسديد التزاماتها تجاه المستثمرين في السندات الأميركية من الدول والشركات والأفراد”، قد تُسَعّر الصراع بين “الجمهوريين” والديمقراطيين” داخل الكونغرس الأمريكي، لكنّها في الوقت نفسه تجعل النمر الأمريكي الجريح أشدّ وحشيّة خارج حدود الولايات المتحدة، وخاصة في المناطق التي باتت ميادين شبه مفتوحة لصراعه مع القوى العظمى المناوئة لهيمنته الإمبريالية الاستعمارية على المشهد السياسي الدولي، والتي تمكّنت نسبيّا من تغيير هذا المشهد من أحاديّ القطب إلى متعدد الأقطاب.

بين الاستفزاز والتهديد

وفي هذا السياق توجّه السياسة الخارجيّة إلى شعوب ودول العالم رسائل جاوزت الاستفزاز إلى التهديد المباشر بالتدخّل السافر في شؤونها الداخليّة والسياديّة إذا ما تجرّأت على التعامل مع روسيا والصين بل وحتى مع إيران وسورية وسواهما من الدول المنافحة عن القانون والشرعية الدوليين والرافضة لخروج الولايات المتحدة وأتباعها على القانون والشرعية المذكورين.

وفي هذا التمشي الأمريكي، قد تكظم واشنطن غيظها من الرياض المتهمة بالوقوف وراء اتخاذ دول “الأوبك- بلوس” قرارا بتخفيض إنتاج النفط مؤخرا، لكنها لن تغض الطرف عن إقدام الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية على خفض إنتاجها بمقدار 48 ألف برميل يوميا بدءاً من شهر ماي الجاري حتى نهاية هذه السنة 2023، لأنّ موقف السلطات السعودية جاء لتعزيز رهانها على عودة “ترامب” إلى البيت الأبيض أكثر منه خروجا استراتيجيا على السياسة الأمريكية..

صفاقة النمر الأمريكي

إلّا أنّ النمر الأمريكي استخدم كلّ ما أوتي من صفاقة في التحرّش السافر بالجزائر معلنا احتجاجه على تسلّح الجيش الوطني الجزائري بأحدث الأسلحة الروسية متقاسما مع تل أبيب والرباط خطابا يزعم أنّ تنامي قوّة الجيش الجزائري يسبب إرباكا لواشنطن في القارة الأفريقية وغرب البحر الأبيض المتوسط، ناهيك عن الكلام الذي يرددونه بأنّ صفقات بيع الأسلحة الروسية للجزائر التي بلغت أكثر من سبعة مليار دولار سنويا تذهب إلى الخزينة الروسية، وبالتالي تدعم موسكو في الحرب التي يخوضها الغرب الإمبريالي ضدها انطلاقا من الأراضي الأوكرانية.

عقوبات على الجزائر؟

وإذا كان أعضاء الكونغرس جمهوريين وديمقراطيين قد اتفقوا على المطالبة بفرض عقوبات على الجزائر، فإنّ حسابات المصالح الدقيقة تقتضي أن يخفض الخطاب الأمريكي من حدّة نبرته ضد الجزائر لأنّ التاريخ يُعلِّم مَن يريد أن يتعلّم أن الجزائر قلعة النضال وداعمته دائما ضدّ الاستعمار عبر العالم، كما أنّها نموذج الدولة الوطنية العصيّة على سيناريوهات البنتاغون لفرض العولمة الأمريكية بعناوين مختلفة (ربيع عربي هنا وثورات ملوّنة هناك.. إلى آخره)، خاصّة وأنّ الجزائر ليست دولة وظيفية تُملى عليها سياساتها الداخلية والخارجية بما يخدم المصالح الصهيو-أمريكية.

دولة مستقلة

إنّها، أي الجزائر، بلد المليون ونصف المليون شهيد، الدولة المستقلة ذات السيادة، التي لا تخلع أصدقاءها الذين ساندوا كفاح شعبها من أجل الاستقلال من بكين إلى موسكو وهافانا ومن دمشق إلى تونس، وبالمناسبة إنّ أبرز ما أنجزه الرئيس التونسيّ قيس سعيّد مؤخراً هو لَحْدُ “الربيع العربي” في تونس التي كانت مَهْدَه، هذا الإنجاز الذي يجعل الجزائر مطمئنة نسبيا إلى بعض حدودها الشرقية. لكن كما أنّ السفارة الأمريكية في تونس لم تيأس من التدخّل في الشأن الداخليّ التونسيّ تارة بالترغيب الكاذب (باخرة القمح الأمريكي لصناعة الماكرونا وخبز الطابونة التي لم تصل بعد إلى أيٍّ من الموانئ التونسية!) والترهيب الموارب بتحويل قادة المنظمات الإرهابية إلى ضحايا غياب الديمقراطية الأمريكية عن تونس، والتي يقطف الليبيون والعراقيون والأفغان ثمارها المرّة، إذن كما أنّهم لا يزالون يراهنون على أدواتهم الظلاميّة هُنا بدأوا بتحريك أدواتهم الظلامية في الداخل الجزائري، ولكن عيون الجيش الوطني الشعبي الجزائري مفتوحة في كل الاتجاهات وجاءت افتتاحية العدد 718 من مجلة الجيش، الصادر في شهر ماي 2023 لتحذّر من أنّ “التطرف العنيف ظاهرة خطيرة، تغذّي الإرهاب في أحايين كثيرة، كما تقوّض السلام والتنمية المستدامة وحقوق الإنسان” مذكرة بأنّ الجزائر شهدت “خلال تسعينات القرن الماضي تنامي هذه الظاهرة الغريبة عن مجتمعنا المعروف بوسطيته وتسامحه وتحوّل هذا التطرف إلى إرهاب”، وأنّ الجزائر” خاضت لوحدها على مرّ عشريّة من الزمن حربا ضروسا على الإرهاب، وواجهت استراتيجية خبيثة استهدفت تفكيك الدولة”.

رد رسمي

وهذه الافتتاحية بمثابة الردّ الرسمي على تحريك واشنطن لأدواتها داخل الجزائر وخارجها (قناة المغاربية، على سبيل المثال لا الحصر) ناهيك عن النشاط الصهيوني المتنامي ليس فقط في دوائر القرار الأمريكية، بل كذلك في الأوساط الانفصالية العرقية والأوساط الدينية المتطرفة التي لا تؤمن بالدولة الوطنية، داخل الجزائر وخارجها (الجاليات الجزائرية في الدول الغرْبيّة).

فوضى منظمة

فإذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية تسعى إلى خلق فوضى منظمة تفضي إلى تفكيك الدولة الوطنية الجزائرية بغية وضع اليد الاستعمارية مجددا على ثروات الجزائر ونهبها، ومن هذا الباب الواسع تزحف على القارة السمراء فتقطع الطريق أمام  الصين وروسيا وسواهما من الدول التي تقيم علاقات ندّية مع دول القارة الأفريقية تقوم على خدمة المصالح المشتركة للشعوب الأفريقية والصينية والروسية، فإنّ الصهيونية وكيانها في فلسطين المحتلة أشدّ حرصا على تفكيك الدولة الوطنية الجزائرية التي ما فتئت تناصر الحقّ الفلسطينيّ فعلا وقولا بعزيمة فتيّة دائما وبدفء يحصّنه من صقيع الغربة في محيطه العربي.

مناعة ضد الفيروس

وعندما يؤكد الرئيس الجزائري “عبد المجيد تبون” على أنّ “أيديولوجيا الإسلام السياسي التي سعت إلى الاستيلاء على الحكم في التسعينات لن يكون لها أيّ وجود في الجزائر” فإنّه يبعث برسالة إلى الغرب الأوربي والأمريكي الذي يحاول تحريك أدواته المحليّة من “الإخوان المسلمين” تحديدا كما حصل في العشريّة السوداء، بأنّ الشعب الجزائري وجيشه اكتسبا مناعة وطنية ضدّ هذا “الفيروس” ولن يسمحا بأن يتمكّن مرة ثانية من تلاحمهما الآن ومستقبلاً.

المصدر : الصريح

Load More Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Check Also

وزير الخارجية: تونس ترحب بالأفارقة القادمين اليها بغرض الدراسة أو العلاج أو السياحة أو الاستثمار

وزير الخارجية: تونس ترحب بالأفارقة القادمين اليها بغرض الدراسة أو العلاج أو السياحة أو الا…