Home أخبار هادي دانيال يكتب: ‘المخزن’ يراكم خطاياه ويزجّ بالمغرب في حرب صهيو ـ أمريكية أخرى!

هادي دانيال يكتب: ‘المخزن’ يراكم خطاياه ويزجّ بالمغرب في حرب صهيو ـ أمريكية أخرى!

0 second read
2
0

كتب: هادي دانيال  

أن يُقدِمَ مُخرجٌ مسرحيّ مِن طراز الفنان المغربي أحمد جواد على حرْق نفسه حتى الموت أمام مبنى وزارة الثقافة في عاصمة بلاده (الرباط) احتجاجا على تهميشه وتجاهل تاريخه الإبداعي وترْكه فريسة الفاقة إلى حدّ التسوّل كي يقوت أطفاله، وأن يكون ردّ فعْل المسؤول الثقافي بمثابة القتْل الرمزي أيضاً لهذا الضحيّة الجديدة ببيانٍ متغطرس يتعالى حتى عن ذكر اسم هذا الفنان وصِفَتِه متقصّدا الإشارة إليه بمفردة “الشخص” الإنكارية…

رد فعل قد يؤشّر لمدى تهافت الخطاب المَوتُور أنّه يعترف بأنّه اقتنى مسرحيّتين من هذا “الشخص” لكنه يعاقبه ميتاً أيضاً بتجريده مِن إهابه الإبداعي، لأنّ إقدام  المبدع المغربي “أحمد جواد” على حرق نفسه أمام المؤسسة الثقافية الرسميّة  كان بمثابة الإدانة الصارخة  لسياسات المخزن الذي تأخذه العزّة بالإثم مطمئناً إلى أنّ سيناريوهات ثورات الفوضى “الخلاقة” الصهيو أمريكية التي تذرّعت سنة 2011 بإقدام بائع خضار تونسي على حرق نفسه أمام مبنى ولاية سيدي بوزيد للبدء بتنفيذ مؤامرة “الربيع العربي” انطلاقاً من تونس، لا تشمل الأنظمة التابعة لواشنطن و المتفانية في خدمة المصالح الصهيو أمريكية…

ربيع عربي جديد؟

فحتى لو أقدمت النخب السياسية والنقابية والثقافية المغربية على حرق نفسها جماعاتٍ جماعاتٍ احتجاجا على المظالم، لن تشمله سيناريوهات “الربيع العربي”  مادام نظام المخزن مرضيّاً عنه من واشنطن وتل أبيب… بل كما تمّ توظيف أنظمة الملوك والأمراء في الكيانات الخليجية لتنفيذ سيناريوهات “ثورات الربيع العربي” التي استهدفت تونس وليبيا ومصر وسوريا واليمن، فإنّ المخزن المغربي مَعنيٌّ حاليّاً بالانخراط في تنفيذ النسخة الثانية المعدّلة من مؤامرة “الربيع العربي” الصهيو أمريكية التي تستهدف بالدرجة الأولى الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية إلى جانب استكمال تدمير الدولة الوطنية في كلٍّ من تونس وسورية ومصر على غرار ما حصل في ليبيا واليمن.

تغيرات عالمية

وعلى الرغم مِن أنّ معظم الكيانات الخليجية بدأت تتلمّس أعناقها على ضوء المتغيّرات الجوهرية التي يشهدها العالم وتشهدها السياسة الدولية التي لم تعد وحيدة القطب، وأصبحت تصغي باهتمام لإرادات قوى دولية وإقليمية اقتصادية وعسكرية ترفض هيمنة إرادة الإدارة الصهيو ـ أمريكية  على مصائر هذا الكوكب وتضع حدا لسلوكها كشرطيّ العالم، إلّا أنّ المخزن المغربي لا يتصوّر نفسه إلّا متماهيا مع تاريخه المعاصر في خدمة ‘المشروع’  منذ استقبل الملك الحسن الثاني سنة 1986 في قصره بمدينة إفران ‘الثعلبَ’ الصهيوني “شيمون بيريز” رئيس حكومة الكيان الصهيوني آنذاك  في أوّل زيارة علنية يقوم بها مسؤول إسرائيلي إلى دولة عربية وصولا إلى تطبيع كامل للعلاقات بين الرباط وتل أبيب.  
أمّا العلاقات السرية  بينهما فهي أقدم من ذلك، لقد  نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن الرئيس الأسبق لجهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية شلومو غازيت، قوله إن “المغرب ” مكّن “إسرائيل” من تسجيلات قمة عربية استضافها عام 1965، ما هَيّأ لها سبل الانتصار في حرب 1967. 

وأوضح أنّ خليّة من الاستخبارات الإسرائيلية زارت المغرب قبل موعد القمة بتنسيق مع النظام المغربي، فأمر ملك المغرب الحسن الثاني بتخصيص جناحٍ كامل من الفندق المقرّر عقد القمة فيه، لرجال الموساد الإسرائيلي، ليتمكنوا من توثيق وقائع المؤتمر. لكنه في اللحظة الأخيرة، أصدر تعليماته بإلغاء الخطّة، خشية اكتشاف أمر إقامة رئيس الموساد مئير عميت ورجاله في الفندق، وبعدها مباشرة تسلم الموساد كل التسجيلات لما دار في القمة. ولاحقا كان للمخزن المغربي دوره الفاعل في التحضير لزيارة الرئيس المصري أنور السادات إلى فلسطين المحتلة وفي اتفاقيات كامب ديفيد التي نجمت عن تلك الزيارة.

طابع أمني عسكري

ومع تربع محمد السادس على العرش توطدت العلاقات المغربية الإسرائيلية أكثر من ذي قبل لتأخذ طابعا أمنيا وعسكريا ناهيك عن العلاقات الاقتصادية حيث بلغ حجم الصادرات الإسرائيلية إلى المغرب سنة 2012 قرابة 12 مليون دولار، وعندما أعلنت المغرب قطْع العلاقات الدبلوماسية مع تل أبيب سنة 2000 التزاما بقرار جامعة الدول العربية إثر الانتفاضة الفلسطينية  كان المخزن وملكه يستقبلان المسؤولين الإسرائيليين خلف باب موارب وبقي التعاون العسكري والأمني الاستخباراتي بين تل أبيب والرباط قائما على قدم وساق، وحسب وسائل إعلامية إسرائيلية  كانت المغرب ولا تزال تشتري من تل أبيب معدات عسكرية تضمنت منظومات حرب إلكترونية واتصالات ومراكز تحكُّم، كما باعت تل أبيب للرباط أيضاً 3 طائرات بدون طيار من طراز هيرون، ليصل الأمر بعد انضمام المغرب إلى ما يسمى “اتفاقات ابراهام”  إلى التعاون الصاروخي، واستقبال المغرب غير مسؤولي الأمن والمخابرات الإسرائيليين كلا من وزير الدفاع ورئيس الأركان الصهيونيين، وإلى أن يصرح الأخير أنه يبحث مع نظرائه في المغرب كيفية التصدي للأخطار التي تهدد الحليفين الاستراتيجيين في المنطقة(؟!)، وبالتأكيد ليس واردا هنا استقواء المغرب بالكيان الصهيوني لتحرير سبتة ومليلة من الاحتلال الإسباني، بل توهّم المخزن المغربي أنّ لتل أبيب تأثيرا كبيرا في صناعة القرار السياسي لدى عدد من الدول الكبرى كالولايات المتحدة الأمريكية التي لم تتخذ موقفا واضحا لصالح  الرباط في ما يسمى نزاع الصحراء الغربية رغم انصياع الرباط  لإملاءات واشنطن على سياسة المغرب الخارجية بدءا من الحرب الإرهابية التكفيرية ضد الدولة السورية وقطْع العلاقات الدبلوماسية مع دمشق ونهب محتويات سفارة الأخيرة أمام عيون شرطة المخزن  وصولا إلى المشاركة في الحرب التي يخوضها الغرب ضد الاتحاد الروسي انطلاقا من أوكرانيا.

وبما أنّ المخزن المغربي متورّط تاريخيا في المشروع الغرْبي الصهيوني لصالح تل أبيب وعلى حساب حقوق الشعب الفلسطيني فليس من المستغرب أن يتورّط أيضاً في دعم كيانٍ  صهيونيّ ثانٍ باشر الغرب ُ العمل من أجل إقامته وفرضه خنجرا مسموما في خاصرة روسيا الاتحاديّة وأمنها القومي على غرار “إسرائيل” / الخنجر الذي أغمده الغرْبُ في خاصرة العَرَب منذ أكثر من خمس وسبعين سنة.  

خطيئتان…

ولم يكتف المخزن المغربي بالدعم السياسي لهذا الكيان الصهيوني الثاني في أوكرانيا، بل قام بتسليمه سلاحا ثقيلا يتمثّل بدبابات حربية كانت المملكة المغربية قد اشترتها من بيلاروسيا. وبذلك يضيف المخزن إلى خطاياه العديدة خطيئتين، الأولى أنه خرج على قرار جامعة الدول العربية القاضي بعدم التدخّل في الحرب الأوكرانية والتزم الحياد إزاءها، وبذلك لا يضع المخزن  مصداقية  جامعة الدول العربية  وقراراتها في وضع حرج بل هو يهزأ من الجامعة وقراراتها ما دامت تلك القرارات لا تنسجم مع المصالح الصهيو أمريكية. والخطيئة الثانية هي أنَ المخزن عندما حصل على الدبابات من روسيا البيضاء كان قد وقع التزاما بعدم تسليمها إلى جهة ثالثة، وهو بتسليم الدبابات المذكورة نقض التزاما متعارفاً عليه بخصوص شراء الأسلحة الثقيلة عبر العالم.
وهنا إذ يقدم المغرب حجة دامغة للدول صاحبة مصانع الأسلحة  الثقيلة في العالم بأن لا تبيع الأسلحة إلى أيّ دولة عربية ، يدعونا إلى التساؤل إن كان خافياً على الجانب المغربي أن الولايات المتحدة الأمريكية  التي يتلقّى المخزن إملاءاتها بإذعان لا يمكن أن تقدم لأي طرف عربي مهما قدّم من تنازلات لواشنطن وتل أبيب معاً سلاحا أمريكيا قد يؤثّر سلباً على التفوّق العسكري الإسرائيلي، أو من شأنه أن يخلق توازن قوى بين الكيان الصهيوني من جهة والدول العربية مجتمعة من جهة أخرى. وهذا معناه أنّ المخزن لا يعوّل على قوّة وتسليح الجيش المغربي لحفظ الأمن القومي المغربي بل يجعل من الأمن القومي المغربي وبالتالي من الأمن القومي العربي في شمال أفريقيا رهينة عند الكيان الصهيوني الذي أصبح المصدر المُعَوّل عليه مخزنيا لتسليح الجيش المغربي(؟!)،

تهديدات للجزائر؟

وبالتالي بات من حقّ المسؤولين الجزائريين أن يُنبّهوا الشارع الوطني الجزائري والشارع العربي بأسره من أنّ العدوّ الإسرائيلي صار على حدود الجزائر الغربية، وإذا تونس لم تتحرّر كليّاً من قبضة مهندس مؤامرة الربيع العربي وسيناريوهاتها المختلفة، فإنّ الجزائر ستكون مهددة من حدودها الشرقية أيضا، وهذا يفسّر أكثر اطمئنان المخزن إلى أنه ليس في حاجة إلى جيش مسلح بالعتاد الحديث أو الأحدث كي يحمي حدوده مادام قد انخرطّ في محورٍ تنهار في سيناريوهاته أسوار الأمن الوطني أو القومي كافة لصالح المصالح الصهيو أمريكية التي تخوض حروبها للهيمنة على العالم فارضة قانون الغاب تحت شعارات العَولَمة المختلفة  كانهيار الأيديولوجيا وتصدير الديمقراطية  وحقوق الإنسان وغيرها من مساحيق الذئب التي لم تعد تنطلي على الشعوب كافة في مشارق الأرض ومغاربها، وبين هذه الشعوب التي تمهل ولا تهمل  شعبنا في المغرب الأقصى الذي يراكم في وعيه ولا وعيه خطايا المخزن في حقّه و ليس جسد الفنان “أحمد جواد” المحترق احتجاجا إلّا صرخة  أخرى ضدّ المخزن الذي آن له أن يَعْتَبِر من مصير الشاه الأخير في إيران ناهيك عن مصائر السادات ومبارك اللذين كانا في ذات الخندق الذي يحتمي به المخزن و”أمير المؤمنين” ما دمنا في شهر رمضان…

المصدر : الصريح

Load More Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Check Also

''علّوش العيد'' أقلّ من 40 كلغ يصل سعره الى مليون و300 دينار

”علّوش العيد” أقلّ من 40 كلغ يصل سعره الى مليون و300 دينار أكد مساعد رئيس الات…