Home أخبار نوفل سلامة يكتب: حديث نجلاء بودن عن تسديد تونس ديونها… هل هو نجاح يُحسب لها أم مغالطة؟

نوفل سلامة يكتب: حديث نجلاء بودن عن تسديد تونس ديونها… هل هو نجاح يُحسب لها أم مغالطة؟

0 second read
2
0

كتب: نوفل سلامة

أثناء حضورها بمدينة الثقافة يوم السبت 7 ماي الجاري وإلقائها كلمة بمناسبة الاحتفاء بـ اليوم العالمي للشغل… قالت رئيسة الحكومة السيدة نجلاء بودن أن قطار الإصلاحات التي تحتاجها البلاد قد انطلق…

إصلاحات كبرى

وأكدت السيدة بودن بالقول أن الإصلاح الذي ينتظرنا كبير وسوف يشمل المؤسسات العمومية التي تعرف صعوبات مالية وبقاؤها أصبح اليوم رهن ما تقدمه الدولة من دعم وتحويلات المالية والتي بلغت في سنة 2020 حدود 9.9 مليار دينار 2020 مضيفة بأن الدولة ليس في نيتها التفويت في المؤسسات العمومية التي تكتسي طابعا استراتيجيا، والتي سوف تحظى ببرامج إعادة هيكلة بعد إخضاعها إلى عملية تدقيق  فضلا عن ديونها البنكية المرتفعة…
وإصلاح آخر يتعلق بصياغة مشروع شامل يحدد الخطوط العريضة لعقد اجتماعي جديد يهدف إلى حماية الفئات الفقيرة ومرافقتها والتي تعيش هشاشة اجتماعية… و إصلاحا شاملا آخر يخص المنظومة الجبائية والتي عليها اليوم العديد من المآخذ في اتجاه وضع تشريعات جديدة تكرس العدالة الجبائية على الجميع وتحقق المساواة بين الجميع..

وإصلاحا آخر يتناول تطوير الأداء الإداري نحو تحسين الخدمات وتعصير الإدارة لجعلها أكثر في خدمة المواطن الذي يشكو اليوم تعطيلا كبيرا جراءها.. وإصلاحا آخر يهم منظومة الدعم في اتجاه التخفيف منها نحو إلغائها بعد أن أصبحت كلفتها باهظة و تتسبب سنويا في تخصيص أموال طائلة ضمن ميزانية الدولة مع المحافظة على المقدرة الشرائية للمواطنين.

انطباع مغلوط؟

إن المشكل في هذا النوع من الحديث الذي قدمته رئيسة الحكومة عن الوضع العام في البلاد وإن المقلق في هذا الخروج الإعلامي للسيدة نجلاء بودن الذي جاء بعد صمت طويل دام أشهر طويلة في الصورة التي تقدمها عن أدائها وأداء حكومتها وفيما تسوقه من خطاب على أنه انجازات قد تحققت على يدها في هذه المرحلة الدقيقة والحساسة من تاريخ البلاد وفيما يثيره حديثها لدى الرأي العام من انطباع مغلوط عن حقيقة وضعنا الاقتصادي والمالي…
وفيما يطرحه من تساؤلات كبرى حول طبيعة الخطاب السياسي ونوعية المعجم اللغوي المستعمل في الحديث السياسي الرسمي.

المشكل أن كل المسائل التي تناولتها السيدة بودن والتي اعتبرتها إنجازات ونجاحات قد تحققت رغم الصعوبات التي رافقت وصولها إلى الحكومة هي في الحقيقة أعمال يومية وعادية لأي حكومة، وهي من صميم عملها الطبيعي ومن مهامها التي جاءت من أجلها…

المشكل اليوم في هذه النوعية من الخطاب السياسي الذي يعتبر تسديد أجور الموظفين في آجالها انجازا كبيرا، وأن المحافظة على الحد الأدنى من الإعانات الاجتماعية هو الآخر نجاحا والأخطر من كل ذلك تصريحها بأن الحكومة قد سجلت نجاحا حينما سددت ديونها الداخلية والخارجية، والحال أن الصواب أن نقول أن الحكومة قد واصلت في تسديد الأقساط من القروض التي حل أجل سدادها مما يعني أن الدولة لم تتوصل إلى حد اليوم إلى خلاص كل الديون المتخلدة بذمتها وهي مازالت مثقلة بديون كثيرة تنتظر تسديدها في مواعيدها المضبوطة.

غموض تام…

المشكل الآخر في هذا الحديث الذي خرجت به السيدة نجلاء بودن للرأي العام بعد صمت دام طويلا في قولها إن إصلاحات المؤسسات العمومية التي تشكو صعوبات مالية لن يشمل القطاعات الاستراتيجية من دون أن توضح ماهيتها ولا من يحدد ما هو استراتيجي وما هو غير استراتيجي بما يجعل الأمر يحافظ على غموضه ويعيد موضوع التفويت في القطاع العام إلى النقاش من جديد.
المشكل اليوم هو أنه على خلاف ما قالته رئيسة الحكومة فإن الأجور لم تتوقف يوما عن خلاصها مهما كانت وضعية المالية العمومية حيث واصلت كل الحكومات المتعاقبة بعد الثورة في الإيفاء بالتزاماتها المالية وتسديد نفقاتها العمومية كما أنه ليس صحيحا أن الدولة اليوم قد خرجت من وضعيتها المالية الصعبة رغم كل ما يقال عن تطور بعض المؤشرات الاقتصادية على غرار تسجيل تحسن في عائدات السياحة وحصول الحكومة على بعض القروض على غرار القرض الممنوح من الاتحاد الأوروبي قيمته 4 مليار أورو…

الأرقام لا تكذب!

إن المقلق في هذا النوع من الخطاب السياسي الذي يحاول طمأنة الرأي العام عن وضعه العام والتخفيف من حالة الحيرة والشك في المستقبل التي بدأت تعود في الآونة الأخيرة أنه خطاب مجانب للحقيقة ومخالف لكل الأرقام والمعطيات عن حقيقة وضعنا خاصة إذا علمنا أن نسبة التضخم قد سجلت رقما مرتفعا وصلت إلى حدود 7.5 بالمائة، وأن المواد الغذائية الأساسية قد حافظت على نسق ارتفاعها مع تواصل تراجع المقدرة الشرائية للمواطن وبقاء البطالة على حالها دون تحسن وتواصل فقدان الأمل في قدرة السياسات العمومية الحالية على إيجاد الحلول لحالة العجز التي عليها شرائح كثيرة من الشعب…

مازلنا في مرحلة الخطر

ما يجب قوله اليوم بكل شجاعة ودون حرج وما يجب مصارحة الشعب به هو أننا لم نخرج بعد من منطقة الخطر ولم نتخط بعد الوضعية الصعبة وأن وضعنا المالي لم يتحسن، وأنه ينتظرنا عمل كبير وجهد أكبر لإنقاذ المالية العمومية والوضع الاقتصادي الذي زادته الحرب الروسية الأوكرانية صعوبة…
وما خلفته هذه الحرب من تداعيات خطيرة على قطاع الطاقة وعلى تراجع تزود الكثير من البلدان في العالم بالمواد الغذائية وهذه كلها تداعيات قد صعبت على البلاد الوصول إلى حلول للإنقاذ في القريب المنظور.

المصدر : الصريح

Load More Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Check Also

كيف سيكون الطقس هذه الليلة؟

كيف سيكون الطقس هذه الليلة؟ يكون الطقس، هذه الليلة، مغيما جزئيا بأغلب المناطق فأحيانا كثيف…