Home أخبار نوفل سلامة يكتب: الرفاق حائرون… فهل تكون تجربة التشيلي انعطافة لإعادة اليسار قويا؟

نوفل سلامة يكتب: الرفاق حائرون… فهل تكون تجربة التشيلي انعطافة لإعادة اليسار قويا؟

0 second read
2
0

كتب: نوفل سلامة  

في إطار برنامجها الرمضاني الذي يحتوي على سهرات فنية موسيقية ولقاءات فكرية حوارية نظمت ” جمعية نشاز ” بالشراكة مع مؤسسة روزا لوكسمبورغ ندوة فكرية احتضنها فضاء الفن الرابع بالعاصمة ليلة الجمعة 15 أفريل الجاري…

ندوة خُصصت لسؤال اليسار التونسي وسؤال الخيبة والتراجع والأفول وسؤال انحسار تأثيره في الفضاء العام وضعف حضوره في المحطات الانتخابية وسؤال أحزابه التاريخية التي لم تعد جاذبة للشارع التونسي…

العدالة الاجتماعية

والقلق الذي حمله الرفاق من الجيل المؤسس لليسار الماركسي كان في هذا اللقاء من بوابة التجربة التشيلية التي مكنت ” غابريال بوريك ” اليساري الذي ينتمي إلى الحزب الشيوعي و الزعيم السابق للحركة الطلابية التي قادت سنة 2011  سلسلة من الاحتجاجات للمطالبة بتحقيق العدالة الاجتماعية في دولة هي من أفقر بلدان أمريكا اللاتينية و من البلدان الأقل مساواة من أن يكسب الانتخابات في سنة 2021 ويصيح رئيسا للشيلي بعد أن تمكن من تحقيق انتصار تاريخي وغير منتظر في زمن رياح العصر فيه قد ولت ظهرها نحو أفق أخرى غير الماركسية…
وفي مرحلة تعرف تراجع الأحزاب ذات المرجعية الماركسية وأفول الفكر الشيوعي عن التأثير بعد أن اختارت الشعوب طريقا آخر وتخلت عن الايديولوجية الاشتراكية والماركسية وكل ما يمت بصلة للتجربة السوفيتية.
فكان هذا اللقاء مع ماهر حنين الباحث في علم الاجتماع والمتخصص في الحركات الاحتجاجية والمنتمي الى تيار اليسار الجديد وسمر التليلي وأسامة الظاهري من الجيل الجديد لليسار الذي اختار الخروج عن الانتماء الحزبي الهرمي…

تجربة اليسار

في هذه الندوة كان الحديث عن نجاح التجربة الشيلية وعن الكيفية التي يمكن لليسار التونسي أن يستفيد منها من أجل إعادة بناء يسار قوي فاعل وجذاب وكيف يمكن لانتصار غابريال بوريك في الانتخابات التشريعية أن يلهم اليسار التونسي نحو ولادة جديدة وإعادة توحيد الشتات اليساري في علاقة بالإجابة عن سؤال كبير كيف يمكن أن نفسر هذه العودة لليسار في الشيلي وفي فرنسا مع المرشح الشيوعي جون لوك ميلانشون الذي استطاع أن يحصل على المرئية الثالثة في سباق التشريعية الفرنسية في الوقت الذي أعلن فيه الجميع عن موت اليسار وانحسار تأثيره و ضعف حضوره في أغلب المجتمعات ومنها المجتمع التونسي؟

فهم الواقع

تم الحديث عن خصوصية فكر وممارسة اليسار الشيلي الذي ابتعد عن التكلس الذهني وانفتح على تيارات فكرية أخرى غير الفكر المؤسس للنظرية الماركسية ما جعله يكتسب قدرا من المرونة في فهم الواقع والتعامل مع حقائق المجتمع وما جعله يتخلص من كل القوالب الايديولوجية التي كبلت اليسار وجعلته حبيس حصنه القديم وأن يفهم متغيرات العصر والاقتراب بقدر كبير من هموم وشواغل الناس في الوقت الذي انتعشت فيه الشعبوية بقدر كبير وكادت تكسب ود الناخب الشيلي بخطابها الجذاب.
تم الحديث عن الخصوصية الشيلية التي جعلت من حركة احتجاجية طلابية أن تتحول إلى حركة سياسية قوية تكسب تأييد الشارع وتجعل الشعب يؤمن بها وأن تصل إلى الحكم وهنا نقف على الفرق بين اليسار التونسي ممثلا في جيل من الشباب الماركسي الذي هجر الأحزاب التاريخية التقليدية وأسس نهجا جديدا من النضال من خلال الحركات الاحتجاجية الشارعية وكان حاضرا في جميع الحملات الغاضبة واستطاع أن يعبئ الشارع وراء قضايا عادلة لكن ضعفه في أنه لم يقدر أن يحول هذا الاحتجاج إلى حركة انتخابية باستطاعتها أن تفوز في الانتخابات وتحقق ما لم تحققه الأحزاب اليسارية التاريخية.

خصوصية التجربة

خصوصية التجربة اليسارية الشيلية في كونها استطاعت أن تتحول من مجرد نضال في الشوارع واحتجاجات متواصلة إلى أمل للشعب وأن تتبنى مطالبه وأن تعكس مجرى التاريخ الذي يسير في راهنه في اتجاه معاكس للخطاب الماركسي ..
ما يمكن استخلاصه من تجربة اليسار التشيلي الذي شكل الاستثناء لكل اليسار العالمي وكذلك اليسار العربي وما يمكن أن يستلهمه اليسار التونسي من هذه التجربة في سبيل إعادة الروح للحركات اليسارية والصوت الماركسي هو أن الرئيس غابريال بوريك قدم برنامجا للوطن وللشعب الشيلي وقدم نفسه قائدا وطنيا وليس زعيما حزبيا للشيوعيين ورفع شعار العدالة الاجتماعية للجميع وحق الشعب في الاستفادة من الثروة الوطنية واقنع الناخبين أن مشكلة الشيلي في تمكين كل فرد من نصيب من الثروة الوطنية وهذا لا يكون إلا من خلال إصلاح جبائي وتقديم برنامج للعدالة الجبائية .. استطاع هذا الشاب المناضل بشعارات قليلة ولكنها واضحة أن يكسب ثقة الشعب واستطاع أن يبرهن لكل يسار العالم أن الفكر الماركسي قابل للتجديد وقادر على تجاوز المقولات التاريخية المؤسسة والتفسيرات المكبلة والطرح التقليدي للتغيير والصراع.

اليسار لم يعد جذابا؟

لماذا لم يعد اليسار التونسي جذابا؟ لماذا عجزت الأحزاب الماركسية أن تكسب ثقة الشعب التونسي بالرغم من أن الثورة قامت على ما يطرحه اليسار وناضل من أجله وهو قضية الفقر والتهميش والعدالة الاجتماعية ؟ ولماذا عجز على أن يحافظ على شبابه الذي أصبح في قطيعة مع اليسار التاريخي وأحزابه التقليدية وهجره نحو تجارب جديدة وأفق جديد؟…

عملية إصلاح كبرى

انتهت هذه الندوة القلقة بقناعة عند منظميها وهي أن أمام اليسار عملية إصلاح كبرى وعملية تجديد لفكره متأكدة وعليه أن ينجز مشروعا وطنيا جامعا من أجل الدولة وليس ضد الدولة .. مشروعا من أجل الشعب وليس من أجل الحزب .. المطلوب حركة جديدة لتجديد الفكر وإصلاح البيت الداخلي .. إن التحدي اليوم بعد موت الأحزاب اليسارية وأفول وجودها جماهيريا هو كيف يمكن لهذه الحركات الاحتجاجية الجديدة التي يقودها الشباب اليساري الغاضب وهذا الحراك الاجتماعي الشوارعي أن يسير نحو الحكم وأن تنتقل هذه الحركات لليسار الجديد من معركة الشارع إلى معركة صناديق الاقتراع والفوز في الانتخابات  كما فاز المناضل ” غابريال بوريك ” بالانتخابات حينما نقل معركة الشارع إلى معركة الانتخابات ؟    

المصدر : الصريح

Load More Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Check Also

قيس سعيد يصدر الأمر المتعلق بالوكالة الوطنية لمكافحة المنشطات

قيس سعيد يصدر الأمر المتعلق بالوكالة الوطنية لمكافحة المنشطات صدر اليوم، بالعدد الأخير من …