Home أخبار ما الذي يحول دون محاربة الإعلام للفساد في تونس؟

ما الذي يحول دون محاربة الإعلام للفساد في تونس؟

0 second read
2
0

لا يختلف عاقلان حول استشراء الفساد في تونس وهذا الفساد الذي كان حكرا على الرئيس السابق زين العابدين بن علي وأركان حكمه، كما هو متداول عند السواد الأعظم من النّاس، انتشر بعد ”الثورة” كالنار في الهشيم ليعم الفساد جميع البلاد، حيث بات التونسيون يتورّطون يوميّا في ممارسات فاسدة وينتفعون منها.

محاربة أخطبوط الفساد الذي تشابكت أذرعه في تونس يتطلّب إرادة سياسية قويّة وجهودا رسميّة حقيقية ومبادرات فعليّة من المجتمع  المدني ودورا جادًّا من الإعلام، الذي تُطرح العديد من التساؤلات الجديّة حول دوره الذي ظلّ محدودا في هذا المجال رغم بعض المحاولات من بعض ”الصحفيين الاستقصائيين”.

رؤوس الأموال لا تجازف بالاستثمار في صحافة الجودة

الإعلامي حمزة البلومي مقدّم برنامج الحقائق الأربعة ومؤسّس شبكة “انجح”، اعتبر في تصريح لموزاييك، أنّ الإعلام يقوم بدوره في مكافحة الفساد في جزء منه، مبيّنا أنّ طرح التطرّق إلى ملفات متعلّقة بمحاربة الفساد يتطلّب الكثير من العمل والتركيز والقرب أكثر من مشاكل الناس.

وتطرّق البلومي إلى غياب الاستثمار في الإعلام وعدم مجازفة رؤوس الأموال في تمويل البرامج الجادّة والصحافة الاستقصائية بشكل عام وهذا الأمر يتطلّب التفكير في طرق أخرى للتمويل واعتماد نموذج اقتصادي جديد يقوم أساسا على دعم وتمويل المواطنين لصحافة الجودة عبر مساهمات رمزية بالإمكان توظيفها لتمويل الصحافة التي تهتم بالشأن العام وقادرة على تغيير الواقع.

حمزة البلومي تحدّث أيضا عن الدور المحدود للتلفزة الوطنية وغياب الإنتاج للبرامج الجادّة رغم أن ميزانيتها تقدّر بـ 56 مليار مشيرا إلى اقتصارها على إعادة بث المسلسلات وإنتاج الأخبار.

”قيمة الاستثمار في الإشهار في ما تبقى من الإعلام باختلاف تسمياته جديد وبديل وخاص وتنوعه، تلفزات وإذاعات وجرائد وصحف ومواقع الكترونية في سنة 2021 لم تتجاوز 166 مليار حسب أرقام مؤسسة سيغما كونساي”، ويضيف البلومي “وهو ما يبيّن محدودية الاستثمار في مجال الإعلام بشكل عام والذي يخلق إشكاليات كبرى في تمويل الصحافة الجادة والاستقصائية بشكل خاصّ”.

‘غصنا في اليومي وأهملنا الصحافة الاستقصائية’

الصحفية الاستقصائية مبروكة خذير، اعتبرت بدورها في تصريح لموزاييك، أنّ صحافة الاستقصاء لم تترسّخ لدى عموم الصحفيين التونسيين رغم هامش الحرية الذي وفّرته الثورة ومناخ الحريات الذي يخوّل الغوص في كافة الملفات وهو ما يستدعي التركيز بشكل أكبر على التدريب وتنميّة القدرات للصحفيين حتّى يتمكّنوا من إنتاج تحقيقات صحفيّة بإمكانها كشف الفساد ومحاربته.

كما تحدّثث خذير عن المنوال الاقتصادي التجاري البحت لغالبية المؤسسات الإعلامية في تونس وهو ما يحول دون إمكانية التركيز على الصحافة الاستقصائية التي تحاسب وتراقب وتفسّر نظرا للمنوال التجاري الذي يبحث دائما على الإثارة ونسب المشاهدة والاستماع.

وتضيف مبروكة خذير أنّ المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الإعلام العمومي الذي بإمكانه الغوص  والتطرّق للملفات الجادة التي بإمكانها كشف الفساد وفضحه ومحاربته خصوصا وأنّه يمّول من جيوب المواطنين التونسيين.

وتبيّن مبروك خذير أنّ الصحافة الاستقصائية ليست صحافة ترف وليست سهلة وتتطلب مجهودات بحثيّة وإمكانيات مادية وصبرا من الصحفيين الذين غاصوا في اليومي ومتابعة الأخبار في ظلّ تسارع الأحداث والتغييرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. “غصنا في اليومي وأهملنا الصحافة الاستقصائية التي تتطلّب تأملات كبرى وبعدًا عن الواقع المعيشي وأبحاثا عديدة ومهارات خاصة وشروطا مضبوطة”.

”هذه الوضعية أدّت إلى تخلّي الإعلام الكلاسيكي عن دوره لفائدة مؤسسات المجتمع المدني والإعلام الجمعياتي الذي أصبح يقوم بالاستقصاء لأنّه في حلّ من الجانب التجاري والرأسمالية التي لا تبحث سوى عن حماية مصالحها”، تضيف مبروك خذير.

المجتمع التونسي طبّع مع فكرة الفساد

مؤسّس موقع ”الكتيبة” وليد الماجري انتقد انحطاط المستوى في بعض البرامج التلفزية تحت يافطة هذا ما يطلبه الجمهور والإعلام انعكاس للمجتمع وهي فكرة خاطئة، حسب قوله.

يضيف الماجري أنّ الصحفي مطالب بتقديم مادة ذات جودة ومحتوى خاضع لمعايير معيّنة وغير متعالي على الناس.. بالإمكان استعمال العديد من التقنيات للوصول إلى الناس والوصول إلى الـ ”Buzz” لا من خلال قضم “كرونكير” لزميلته من كتفها في برنامج تلفزي”.

”الصحافة الحقيقية مطالبة بالوعي بدورها في كشف الحقيقة واعتمادها على صحفيين مختصّين بإمكانه القيام بوظيفتهم على أكمل وجه تجاه الرأي العام وهذا يتطلّب مواصلة الصحفيين القيام بتدريبات والتكوين المستمر في ظلّ التوجّه نحو الاعتماد على الذكاء الصناعي لصناعة المحتوى الإعلامي”.

ويؤكّد وليد الماجري كذلك ضرورة التركيز مستقبلا على التربية على وسائل الإعلام والاتّصال وانفتاح وسائل الإعلام والصحافة على الناس وتفسير ما معنى الصحافة الاستقصائية ومحاربة الفساد خصوصا في ظلّ تطبيع التونسيين مع فكرة الفساد ووجود نوع من التباهي بالتحيّل وبالتهرّب الجبائي وهو ما يطرح تساؤلات حول تغيّر القيم في حدّ ذاتها لدى التونسيين.

وتطرّق الماجري إلى المنوال الاقتصادي لوسائل الإعلام الذي يحوّل دون إنتاج صحافة الجودة والمحتوى الجدي لأنّ المستشهرين لا يتوجهون سوى للبرامج ذات نسب المشاهدة العالية وهذا الأمر يستدعي التوجه نحو التربية على وسائل الإعلام والتفسير للتونسيين بأن مواصلة مشاهدة الرداءة والمساهمة في نشرها يخلق نوعا من الاستمرارية في هذه الرداءة ويضاعفها.

كريم ونّاس

المصدر : موزاييك ف م

Load More Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Check Also

عمال المناولة بمطار تونس قرطاج يحتجون

عمال المناولة بمطار تونس قرطاج يحتجون تجمع عمال المناولة بمطار تونس قرطاج الدولي التابعين …