يوافق اليوم 3 اوت ذكرى ميلاد الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة.
وقد كتب بهذه المناسبة الصادق شعبان تدوينة على صفحته الرسمية على الفايس بوك فيما يلي نصها:
ذكرى دكتاتور …
في مثل هذا اليوم ولد الزعيم الحبيب بورقيبة …
ولد سنة 1903 … على سواحل تونس … في مدينة المنستير … في بيت متواضع قرب الميناء القديم …
السنة القادمة نحتفل كما يجب ان شاء الله بمرور 120 سنة عن ميلاده …
ما زلت اذكر القبضة القوية لهذا الدكتاتور ذات يوم 30 جوان 1967 … لما تسلمت منه جائزة البكالوريا و عمري انذاك 17 سنة … قبضة فيها كل معاني الافتخار بما يصنع و تقديس للعلم الذي بالنسبة اليه هو الاساس و تشجيع المتفوقين لمواصلة التجديد و الرغبة في تحرير المجتمع من التخلف و بناء دولة جديدة بسواعد و عقول وطنية خالصة …
غير بدكتاتوريته وجه تونس و خطّ لها طريقا لن يغيره أناس آخرون لبسوا قناع الحرية و الشفافية و التقوى …
اهم القرارات الدكتاتورية لهذا الزعيم كانت تصبّ في التحرير لا في الحرية … حتى لا تبقى تونس لقمة لأي استعمار جديد … حتى تقدر على بناء نفسها بنفسها … و تضمن استقلال القرار … و تحقق الكرامة
الفعلية للشعب …
اولا – علّم الأطفال و أخرج الكبار من الجهل … بدكتاتوريته التي كانت تعاب عليه … عمّم المدارس .. نشر المعلّمين في أعماق الارياف … هدد الأولياء بعقوبات اذا هم حرموا ابناءهم من المدرسة… جعل التعليم مجانيا في كل مراحله … مجاني لكل الناس لا فقير في ذهن الأطفال و لا غني … اطعم و سكن مجانا … أعطى منحا دون تمييز … كان الزعيم الأمريكي الشاب جون كنّدي في بداية الستينات يردد ما قال له بورقيبة عندما عرض عليه المساعدة … أجاب الدكتاتور انه يريد الحليب لاطفال المدارس … نصف الميزانية خصص للإنفاق على الأطفال تعليما و تثقيفا و صحة .. ، وحّد مناهج التعليم حتى تصبح تونس واحدة .. حذف التعليم الزيتوني و عدل القليل الذي تبقى منه … خلق الانسجام الفكري … فتح المدارس لكل النشاطات الترفيهية و التثقيفية .. جعل المدرسة المرجع لكل حي … اصبحت المدرسة المصعد الاجتماعي لكل الأطفال … اداة المساواة العلية … اداة الوحدة الوطنية … انا و انت و آخرون ما كنا نبلغ المراتب التي وصلناها لولا مدرسة بورقيبة الدكتاتوري …
ثانيا – وحّد القضاء .. و ألغى القضاء الشرعي و جعل القوانين تواكب العصر هذا الدكتاتوري بورقيبة … أنهى سلطة فقهاء الدين … اصبحت العدالة اداة تحرير مجتمعي هي ايضا … هذا هو فعلا بورقيبة الدكاتوري …
ثالثا – حرر المرأة … بكل دكتاتورية … في وقت كان التغيير فيه صعبا .. ازال عن وجه المرأة السفساري … لترى النور … و ترى اكثر… و تتعلم … و تتواصل … و يراها الآخرون… منع تعدد الزوجات و خصص عقابا بالسجن لمن يخالف … الزواج العرفي الذي تسلل اليوم في عصر الديمقراطية ما كان في ذلك الوقت ليتسلل… منع الطلاق خارج المحاكم .. جعل التخلف عن الانفاق يعاقب بالسجن .. … علم الفتيات دون تمييز مع الفتيان … نفس الطابور و نفس القسم و نفس الطاولة … يريد ان تحرر المرأة من تسلط الرجل و تصبح سيدة نفسها في المجتمع … حامية حقوقها بنفسها … ها نحن وصلنا إلى هذا اليوم بفضل قرارات بورقيبة ذلك الدكتاتور ،
رابعا – نشر ثقافة التنظيم العائلي ، بشكل من الدكتاتورية في ذلك الوقت … خصص مؤسسات و حملات توعية و أموالا كبيرة لذلك … مكّن المرأة من حق الإجهاض .. حق ما زالت نساء بعض الديمقراطيات اليوم تناضل من أجله… نعت بورقيبة بالكفر … لكنه اصر لانه دكتاتوري … و لولا التنظيم العائلي لكانت تونس اليوم 18 مليون … و لكانت الاسرة اكثر بؤسا و تفككا … و لا احد من الطبقة الوسطى يكون قادرا على تعليم أبنائه و مداواتهم و ايجاد الشغل اللائق لهم … هذا ما فعله بورقيبة الدكتاتوري …
خامسا – بنى ادارة وطنية كفأة … في وقت كانت الادارة العليا حكرا على المستعمرين … بهذا صنع الدكتاتوري دولة وطنية … برجال وطنيين … حمى القرار الوطني … راقب نزاهة الموظفين بنفسه … رفع الأداء في الخدمات و طبق معايير الحكم الرشيد قبل ان تعرف الكلمة …هذا الزعيم الدكتاتوري ..
عادوا اليوم الى دستوره الدكتاتوري … و إلى سياساته الدكتاتورية … و استطاع المجتمع اليوم بنفسه ، بعد عقود من البورقيبية ، ان يزيل القناع عن وجوه تجار الديمقراطية و وجوه تجار الدين …بعد عشرية صعبة ترنح فيها المجتمع و ترنحت الدولة ، عرف الناس ان بورقيبة كان على حق ، و ان التغيير لا يكون الا باليد القوية … و اليد القوية لا تعني بالضرورة ظلما و لا تؤدي بالضرورة الى فساد …
رحمك الله ايها الزعيم …
بصماتك لم تمح … لن يقدر أحد على الرجوع بمجتمعك الى الوراء و لا افتكاك دولتك من أبنائك و من احفادك …
أ.د الصادق شعبان
3 أوت 2022
المصدر : الصباح نيوز