كتب: محمد صلاح الدين المستاوي
في كتاب صفحاته بالمئات عن الحركة اليوسفية في الجنوب الشرقي ومختلف تداعياتها وتجاذباتها وقع تهميش أبرز الاطراف التي كان لها الفضل بعد الله في حقن دماء العشرات من المناضلين اليوسفيين الذين كانوا ستنفذ فيهم أحكام الإعدام (ولا يزال شهود العيان أحياء)…
وهو فضيلة الشيخ الحبيب المستاوي الزيتوني الدستوري اصيل تطاوين والذي القى قصيدا حقن بها الدماء واستجاب لشفاعة الشيخ الحبيب الزعيم الحبيب بورقيبة رحمه الله ودخل تطاوين دخول الفاتحين بعد أن كان سيحدث ما لا قدر الله.
مع الأسف هذا المشهد (الملحمة) يُهمش صاحبه الشيخ الحبيب في هذا الكتاب عن اليوسفية في الجنوب الشرقي( تطاوين) والذي كان بجرأته ووطنيته وحبه الشديد لاهله وعشيرته من مختلف عروش تطاوين وراءه ولا يعطى ما يستحق من العناية في هذا الكتاب ذي مئات الصفحات… انه الجحود ولا نقول غير ذلك.
*وهذا التهميش نال الشيخ الحبيب رحمه الله في مختلف مراحل مسيرته النضالية الوطنية والدينية (الاذاعة الوطنية مثلا أعدّ لها الشيخ طيلة اكثر من 10 سنوات حصتين قارتين اسبوعيا (في التفسير وحديث الصباح) لم نسمع ولو مرة حديثا يتناول مساهمته من خلالها في الدفاع عن القيم الدينية في سماحة واعتدال ووسطية.
قل مثل ذلك عن الجمعية القومية للقرآن الكريم وهومن كان يدير ندوتها الاسبوعية في مقرها بنهج سيدي بن عروس، وهو كان وراء مؤتمرها المشهود وخطابه المؤثر الذي كان منعرجا في تركيبتها الجديدة (لم يبق من هيئتها السابقة الا فضيلة الشيخ محمد الشاذلي النيفر رحمه الله الذي اقترح الشيخ الحبيب أن لا يدخل في التصويت ويجدّد له لرئاسة الجمعية وقد استجاب المؤتمرون لهذا المقترح.
*الزيتونة (كلية وجامعة) والتي دافع عنها باستماتة بلسانه وقلمه (فهو صاحب البيان التاريخي الذي قدمه للجنة العليا للحزب الاشتراكي الدستوري في وقفة التامل سنة1975 (ولم يقدم احد غيره بيانا في المجال الديني وقال احد كبار شيوخ الزيتونة رحمه الله عندما سئل لماذا لم نسمع صوتكم معاشر شيوخ الزيتونة في وقفة التأمل أجاب هذا الشيخ رحمه الله ( هاهوك الشيخ الحبيب المستاوي قام بذلك) مع العلم ان الشيخ حرر بيانه وامضاه باسمه الشخصي .
*والبيان بعد ارساله الى اللجنة العليا للحزب نشر في احد اعداد مجلة جوهر الاسلام صائفة 1970 لمن يريد ان يعود اليه ويتثبت )
وافصح الشيخ الحبيب في بيانه عن كل ما يتعلق بالهوية العربية الاسلامية واضعا النقاط على الاحرف في سبق شرفه الله به.
*وكان التتويج لمسيرته النضالية في مؤتمر الحزب الاشتراكي الدستوري بالمنستير1971 ببيانه الذي شهد له به كل من حضر وشارك في المؤتمر
في اصداع بكلمة الحق وتبرئة للذمة امام الله وامام التاريخ في ذلك الزمن المبكر جدا.( ولم يكن الشيخ الحبيب رحمه الله منحازا لطرف دون اخر فالذي كان يهمه هو دينه ووطنه العزيز وشعبه الاصيل).
*دفع الشيخ الحبيب رحمه الله ضريبة جرأته ووطنيته وتعلقه الشديد بمقومات هويته العربية الاسلامية (الزيتونية غير المرتبطة باي تيار اوتنظيم) واحتسب ذلك عند ربه.
*مهما همش الشيخ الحبيب ومهما حاول البعض التعمية عن مواقفه الوطنية الاصلاحية فسيظل علما لا يمكن نسيانه وتناسي ادواره ومواقفه الرائدة المشرفة.
لقد صدق الشيخ الحبيب رحمه الله ما عاهد الله عليه لم يبدل ولم يغيّر ولم ينتظر من احد جزاء ولا شكورا.
ونام الشيخ الحبيب رحمه الله قرير العين بما قدمت يداه وهو الذي لم يعمر طويلا (52 سنة) ولكنها كانت مليئة بالعطاء في الخير مما ينفع الناس ويمكث في الارض ولا يذهب جفاء.
ولسوف يعطيه ربه الذي لا يضيع اجر من احسن عملا مايرضيه…( ونعم بالله)
المصدر : الصريح
