Home أخبار رجب حاجي يكتب لكم: ‘لعنة الصحافة في تونس’…أو من قتل ‘الصريح’ الورقية؟

رجب حاجي يكتب لكم: ‘لعنة الصحافة في تونس’…أو من قتل ‘الصريح’ الورقية؟

2 second read
2
0

كتب: رجب حاجي

سامحك الله يا صالح، ارجعتني للكتابة والقراءة والنقد، واخرجتني من باب التصور والتمني اللذان اغلقا تماما في بلادنا، وتركا الفجوة لمن ليس لهم القدرة على الخلق والابداع، فكثر هذيانهم، وأصبحوا يدعون الزعامة، وهم فاقدي الكرزما، ولا برامج في كتاباتهم، و لا حلول لاقتصاد بلادنا في ورقاتهم يذكر…

ما يُشفي الغليل؟

يدعون المعرفة في كل الميادين، ويتداولون واجهة الصحافة، ولقارئ أن يتصفح كتاباتهم، ومقالاتهم، في الاقتصاد مثلا، فلن يجد ما يشفي الغليل، ويتبع كمنهج للخروج من المأزق، أو دواء لبلد مريض، يعاني من تدخل الأجنبي، و من لبيات المال الفاسد، في الحياة اليومية للمواطن، وهم يدركون جيدا، انه مهما دقت طبولهم، وما رددوها من شعارات، أكل عليها الدهر وشرب، أن الولاء لا  يكون إلا لتونس لا غير، طال الزمان او قصر.                                                                      

لعنة الصحافة في تونس

إن رجوع الثقة، وان طال أمده،  هو عائد لا شك فيه، وكذلك القيم النبيلة التي تطرح من وراء السطور، في الكتاب الجديد، للصحافي المحترف صالح الحاجّة التي طرقها من زاوية لعنة الصحافة في تونس، ناشره شركة دار لوغوس للنشر والتوزيع.

وهذا الكتاب يختلف تماما من حيث المضمون والشّكل والمحتوى عن كلّ ما كتب، فهو تجربة عمر، بحلوها ومرها، 83 صفحة تروي باقتضاب معاناة الكاتب من جزاء عشقه للصحافة، وكما يكتب بصفة أدق “طول عمري بين حبّين: حب عاصف جارف للصحافة وحب كالنار تشتعل بداخلي للتخلي عنها” وكلفته ظروفه الاستمرار في المهنة وتحمل تبعاتها.                                                      

فقدان الكرامة

كتاب شيّق في مظهره، و سهل في إدراك مقاصده، وكاتبه مقتنع بأن الكسب الحرام لا يثمر أبدا، وقد عرف طوال انشغاله بالكتابة، ومعرفة كبار الصحافة، مدافعا عن الاهم، تاركا الإساءة لغيره، ورافضا الجري وراء المال، فالموضوعية، والنزاهة، والاستقلالية دفعت به الى ترك “الصريح” تموت ورقيا، ولو كانت محبوبة عند الناس، ذاع صيتها، وأصبحت في صدارة المشهد الصحفي، لأنه فهم قبل غيره، ان رياح النفقات والالتزامات تجر دون هوادة الى السجن، وفقدان الكرامة…
 وينعت عن تجربة “أن الصحافة…وهي محرقة…تأتي على الاخضر واليابس” ويؤكد ناصحا الناشئة “أن من يتصور أنه بركوبه لقطار الصحافة سينعم ويجني الأرباح فهو واهم (ومهبول) غير مدرك لحقائق الأشياء” ويعلل ذلك بالحجة والبرهان، بلغته الناعمة، وقلمه السيال، والغريب في الأمر انه لا يلوم على احد، ويتفهم كل المواقف، ولو كانت تعاكس تفكيره، بل يرثي من لا يحترمون أنفسهم، وقد عانى من صناعة الصحيفة وترويجها الامرين، وبين الفرق بينهما بكل لباقة ووضوح، وأنذر من الخلط بين “الموهبتين”، وهو الممارس والشاهد على مآسي من احترف المهنة، بدون مؤهلات، لأنها كما يكتب بأناقة بلغته المعهودة “لعبة تشبه الى حد كبير تسلق الجبال لا يمارسها إلا قادر وخبير متمرن”.

نصيحة صادقة

وهي نصيحة، كم يجدر درسها في معاهد الصحافة، وجلب أنظار الطلبة اليها، و صالح يلعن حسب رأي، ذلك الاعلام الهزيل، الذي يروج الرداءة، ويمتاز بالسطحية، يتمنى أن تكون الصحافة بحق وهي رفيقة عمره أحبها بكل جوارحه، واثر فيها أيما تأثير، السلطة الرابعة، تلعب دورها في الاحاطة بالجماهير وتعلمه بمجريات الامور، تمارس بحق مراقبة السلط التشريعية والتنفيذية والقضائية، وتكون دوما كما كانت “الصريح” حيادية الموقف، تمتاز بتحاليلها وبعد نظرها، والبلاد لاتزال تمر بوضع صعب، ومسؤولية أهل القرار، مهما كانت درجته، أصبحت تاريخية. الاتفاق على الجوهر، والالتقاء على قاعدة العمل، وتغليب مصلحة البلاد، لتجاوز المصاعب، وتقاسم التضحيات الذي هو لا مفر منه، والابتعاد عن التجاذبات الشخصية، والتجاذبات الاعلامية، وتوجيه رسائل حداثية، لاجتياز المأزق، ومواجهة الفقر، والخصاصة،  والبطالة، وانعاش الاقتصاد، لخلق المزيد من الثروة والابتكار، تلك هي قراءتي  لما وراء “لعنة الصحافة”.                                                            

مواضيع مطروحة على المجتمع

تلك هي مواضيع مطروحة على مكونات المجتمع باسره، والتي يستوجب حتما، من وجهة نظري،  عقد إرادي اجتماعي، وهدنة صحافية واعية ولو على المدى القصير،  حتى ترجع الطمأنينة في النفوس، ويسود الوئام بين الجميع، ويسير قطار تونس الى الامام، بالسرعة الكافية،  لترفيع نسبة النمو، وتخفيض نسبة البطالة، وتحقيق أهداف الثورة ويقيني أن صالح لن يقف على الربوة ويواصل “نقشة” باستمرار. فالقارئ عند انتهائه من قراءة “لعنة الصحافة” يطلب من الكاتب المزيد.

“وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون.”

هوامش

د.رجب حاجي : دكتور في الاحصائيات- دكتور في الاقتصاد- شهادة تكوين مستمر

بجامعة هارفارد الأمريكية – ألف أربع كتب في علم الإحصاء في المستوى الجامعي- أول رئيس بلدية ملولش- شغل رئيس ديوان المرحوم محمد الصياح عشرات السنين ورئيس ديوان وزيرة الصحة ومكلف بمهمة في اختصاصاته لدى رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر اطال الله عمره الى غيرها من المسؤوليات الوطنية…

المصدر : الصريح

Load More Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Check Also

سمير الوافي يُقاضي هؤلاء: ''أضرب القطوسة تتربى العروسة''

سمير الوافي يُقاضي هؤلاء: ”أضرب القطوسة تتربى العروسة” أعلن الاعلامي سمير الوا…