Home أخبار بعد قَرن و16 سنة من ثورة الفراشيش… شهداء في حفرة مجهولة حتى اليوم !

بعد قَرن و16 سنة من ثورة الفراشيش… شهداء في حفرة مجهولة حتى اليوم !

0 second read
2
0

“حفرة الأثناش”، مكان عشّش في وجدان سكّان ولاية القصرين، من فراشيش وماجر وولاد تليل وغيرهم من متساكني الجهة، رغم عدم اكتشافها بعد على أرض الواقع…

حاولات موزاييك تحديد مكان الحفرة التي ضمّت رفات 12 ثائراً من أبناء فوسانة، فلم نكتشف إلاّ بعض الشّهادات والشّهادات المتطابقة الّتي تؤكّد وجودها شمال مدينة تالة لا غير، وفق روايات شفويّة تناقلت عبر الأجيال، وبعض المصادر التاريخية(رغم ندرتها) لأصحابها المؤرّخ الهادي التيمومي، والباحث في التاريخ محمد صلاح حقي. 

وذهبت مصادر أخرى في تأويل ذلك واعتبرت  طمس مكان هذه المقبرة الرمزية لم يكن إلاّ طمساً وتشويهاً لسيرة أولى الثّورات المسلّحة في تونس على المستعمر، من قبل الاستعمار وأدواته في تلك الفترة.

بُعد خرافيّ لواقع غير خرافيّ..

إذن تؤكّد المراجع التّاريخيّة أن ثورة الفراشيش، انطلقت بمنطقة فوسانة، ربيع سنة 1906، لأسباب أهمّها التوسّع الاستيطانيّ الاستعماريّ، وتعميم الفقر على الفلاّحين، وانتزاع الأراضي، وتأصيل الرّشاوي في المعاملات الإداريّة، وإثقال كاهل عموم النّاس بالضّرائب، وظلم وجور القايد في تلك الفترة، دون اعتبار الأسباب البعيدة المتمثّلة في إحكام المراقبة على الحدود والخدمة العسكرية لأبناء المنطقة وغيرها من ممارسات ميّزت سياسات الاستعمار في كلّ بقاع الأرض، ما مهّد لكلّ أنواع النّضالات والثّورات.

يقول الباحث في اختصاص التّاريخ الاجتماعيّ والتّاريخ القبليّ محمد صلاح حقي، في تصريحه لموزاييك، بقدوم عمر بن عثمان من منطقة سوق هراس الجزائريّة، انطلق تحميس الأهالي في فوسانة على الثورة ضد المستعمر.

ويشير الباحث إلى البعد الخرافيّ للأثر الّذي بقي في الأرشيف الوطنيّ، بناءً على المحاكمات الّتي وقعت في سوسة لرموز انتفاضة الفلاحين، إذ تمّ تقديم عمر بن عثمان للأهالي على أنّه وليّ صالح ببركات خارقة، وبعظ استهداف عدد من المعمّرين في منطقة بولعابة وفي جبل الشّعانبي من قبل المقاومين، حرّضهم على استهداف مقرّ المراقبة المدنيّة  بتالة، بعصيّ وهراوات تَصلي الاستعمار وأذنابه الّذين لن يكون رصاصهم إلاّ برداً وسلاماً في صدور وأفئدة الثوّار من أجل التحرّر.

رواية أنكرها عمر بن عثمان، نفسه، أثناء محاكمته في سوسة، وفق ما ذكره عادل يوسف في مقالة نادرة عن ثورة فوسانة 1906، اطلعت عليه موزاييك. لكنّها بقيت تتردّد في كلّ الأوساط الّتي تناولت هذه الثّورة بالدّراسة والاهتمام.

بدوره يشير الحقي إلا أن هذا البعد السّاذج الّذي دوّن عن ثورة الفراشيش وبعدها الدّيني أو الخرافيّ يمكن أن يوضع في مقام الجدل، خصوصاً وأن عمر بن عثمان يعتبر قد أرسل عشرات الثوّار نحو محرقة تعاون فيها المستعمر والمدينة وتجّار من جهات أخرى لوأد أولى أحلام التحرّر في تونس.

12 شهيداً في حفرة مجهولة إلى اليوم..

إذن يذكر التيمومي والحقي ويوسف أن عشرات الأشخاص توجهّوا لتالة لاستهداف المستعمر ولتحرير المدينة منه،  بعد استهداف عدد من المعمّرين الأروبيين في بولعابة، لكنّ رصاص الصبايحيّة والتجّار وأدوات المستعمر قنصتهم وقُتل 12 ثائراً دُفنوا في مقبرة جمعيّة، لا يعلم عنها شيء إلى حدود الآن. فكلّ ما تمّ اكتشافه أنها تقع في تالة، وتدعى في الرّوايات الشفويّة بحفرة الأثناش.

الوشاية والأحكام الجائرة شريكة الظّالم في تأبيد الظّلم..

لئن كانت موزاين القوى غير متكافئة بين فلاّحي فوسانة من جهة والاستعمار وشركاؤه من جهة أخرى، فإنّ المراجع التّاريخيّة الّتي بحثت فيها موزاييك، أكّدت أنّ الوشاية كانت شريكة في دحر تلك الثّورة الفتيّة في أيّامها، والعميقة في رسالتها الرّافضة للظّلم الاجتماعيّ والاستعمار، إذ وصلت أخبار التمرّد إلى مقرّ المراقبة المدنيّة بتالة قبل وصول الثوّار لأبوابها، وهو ما عجّل بإعداد العدّة لوأد التحرّك من قبل المستعمر وخمّاسته.

كما وقعت الإطاحة بعمر بن عثمان الّذي لم يشارك في الهجوم على تالة، بمكيدة ووشاية أيضا من قبل أحد شيوخ تالة، بعد إقناعه له بأنّه من أتباعه، قبل تسليمه  للمستعمر.

وتذكر المصادر ما تعرض له المعتقلين من ثوار من تعذيب وظروف سيئة، بعد اعتقالهم، قبل أحكام أعدام صدرت في حقهم ثمّ تم مراجعتها إلى أشغال شاقّة مؤبّدة، لكن الموت سارعت بزيارتهم، قبل الإفراط في مزيد إذلالهم، فعمر بن عثمان مثلاً، قد مات سنة واحدة بعد ثورته، أي في ماي من سنة 1907.

رغم ما لصق بها من بعد خرافيّ، في المراجع الرّسميّة، من قبيل أن ثورة الفراشيش كانت بدعوى من وليّ صالح بمكارم، يدعو المعمّرين والمستعمر للإسلام، بعصي تتحول لنيران حارقة، وببارود يرتسم ماءً وزهوراً في صدور الثوّار، إلاّ أنّ البعد الإنسانيّ الكونيّ لثورة الفراشيش 1906 من أجل حقّ الشّعوب في تقرير مصيرها والعدالة الاجتماعيّة، لا يزال مجال فخر لسكّان القصرين وقُرَاها، كيف لا، وهذه الرّواية الّتي حاولت الاختصار فيها قدر الإمكان، حتّى تطابق مع النّمط الصّحفي المهنيّ، لا تزال أحاديث شفويّة لا تغيب عن منزل واحد في جهة القصرين، رغم طمس مكان “حفرة الأثناش”، ومحاولات تغييب أولى انتفاضات تونس على المستعمر عن الوعي واللاّوعي الجمعيّين، ونسيان المتناسين، وكيد الكائدين؟

برهان اليحياوي. 

المصدر : موزاييك ف م

Load More Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Check Also

وزير الشباب يستقبل وفدا عن منظمات للرياضة الجامعية من هذه الدول

وزير الشباب يستقبل وفدا عن منظمات للرياضة الجامعية من هذه الدول مثلّت مشاريع واتفاقيات الت…