كانت ”الراقْوبة” أي المرتفع الواقع في منطقة الوساعية بجبل سمامة، شاهدة على مضيّ سنوات الدم، وعلى فظاعات ارتكبت في حق الأهالي والأرض والوطن، ثم على انتصارات دكّت مضاجع التكفير والإرهاب.
“الراقْوبة” نفسها باتت اليوم بعد حربها، تستقطب زوّارا تونسيين وأجانب من دول إفريقية وآسوية وأوروبية، في تظاهرات رمزية وكونية، ترفع نشيد السلام وتتغنى بمقاومة الإنسان للظّلم والظلام.
وقال مدير تظاهرة عيد الرعاة بسمامة عدنان الهلالي إن هذه التظاهرة في شكلها الحالي قد استقطبت زوارا من 12 دولة حول العالم، أثثوا مشهدية فنية راوحت بين الغناء والأدب والفلسفة، عبر عروض ورحلات انطلقت من سمامة ونحوه، لتتحول “الراقْوبة” التي كانت طاردة للناس، منذ زمن غير بعيد، إلى بوصلة نبراسها التسامح والتنوّع والاختلاف.
بدوره، أشار الكاتب والفنان البلجيكي البروفيسور برنار كوترو، الذي يكتشف سمّامة للمرة الأولى، عبر تظاهرة عيد الرعاة إلى أهمية سردية الجبل في تغلبه على قوى الظلام الإرهابية التي تهدد الإنسان في سمامة أو في أي مكان في العالم، مشددا على دور الفن في مقارعة التشدد بالقول “الفن يستطيع تغيير العالم، وهذا هو الرهان الناجح في سمامة”.
على وقع معزوفات بدوية ولاتينية وشرقية وغربية، وعروض جمعت أمماً متعددة، التقى الناس حول سمامة على كلمات واحدة تفهم من الجميع رغم اختلاف اللغات… تعبيرة أرّخت لمرحلة دامية، وتعطي إشارة انطلاق فرح سمامة وأخواته من مغيلة وصولا إلى سيدي عيش، مرورا بالشعانبي والسلوم وبيرينو، لترسم من وقع الألم فسحة أمل ومحاولات التغيير.
*برهان اليحياوي
المصدر : موزاييك ف م
