“للفيلتر هنا مذاق خاصّ… سرّ لا يعلمه إلاّ حرفاء مقاهي القصرين الشعبية… فوح القهوة رهيب ومذاقها لا يتكرّر أبداً…”، هكذا تحدّث وسيم لموزاييك عن سبب توافد الحرفاء على عدد من مقاهي القصرين للحصول على قهوة أُعدّت خصّيصاً لمائدة الإفطار في شهر رمضان.
وسيم واحد من مئات الزبائن الذين يتوافدون على المقاهي الشعبية من مدينة القصرين، أو من المدن المجاورة، للحصول على “فيلتر” أو أكثر، لما بعد مغرب كلّ يوم.
و”الفيلتر” هي قهوة تُقدم في المقاهي الشعبية بثمن لا يتجاوز ال 800 مليم، وتعد منذ سنوات بعناية، قبل موعد الإفطار وبعده.
ويقول ماهر، عامل بإحدى المقاهي الشعبية، “لقد انطلقت اليوم في إعداد القهوة منذ الساعة الرابعة زوالاً… في حدود الساعة الخامسة يبدأ الحرفاء بالتوافد علينا. الزوار كثر ككل يوم، والقهوة تجلب حرفاء جدد يوما بعد آخر…”.
غير بعيد عن “مقهى بن عبيس”، ومن خلف آلة صنع القهوة، في مقهى “علي بن مبروك”، يخاطبنا العياشي الذي قضى أكثر من 40 سنة في العمل على إعداد القهوة والشاي: “إن الناس في القصرين يشترون “الفيلتر” مع الخبز… هناك غير بعيد عنا طوابير مخابز رمضان، وهنا صفوف لاقتناء “فيلتر” حافظت على نكهتها منذ ستينات القرن الماضي… لا سرّ في إعدادها إلا الشغف بها…”
ككل يوم في مدينة القصرين، وقبيل موعد الإفطار، ترتسم طوابير طويلة لاقتناء “الفيلتر”… الثمن في المتناول والنكهة فارقة لا تتغير بمفعول الزمن… الزوار والحرفاء من كل مكان.
من بوزقام(حوالي 10 كم عن مدينة القصرين)، ينتظر محمد دوره لاقتناء قهويتين لوجبة الإفطار يقول بعد أن نال ما قدم لأجله “القهوة شغف ومزاج، والفيلتر هنا تعبق برائحة التاريخ… أنا حريف ‘الفيلتر’ منذ زمن ‘الحصير’ و’الزّزوة’…”.
ويتواصل إقبال الزوار على المقهى إلى ما قبل موعد الإفطار بدقائق، وسيكمل ماهر والعياشي عملهما، في محلّيْن متجاورين لبيع “الفيلتر”، إلى حدود فجر اليوم الموالي، على أن يفتحا أبواب محليهما من جديد قبيل إفطار يوم آخر من رمضان، لاستقبال زوار قدماء وجدد في مجال لا يتحدث إلاّ قهوة وشغفاً.
برهان اليحياوي
المصدر : موزاييك ف م
