Home أخبار القصرين: تقطير زيت الإكليل في الجبال.. الكادحون هم إكليل الجبل وعطره (فيديو)

القصرين: تقطير زيت الإكليل في الجبال.. الكادحون هم إكليل الجبل وعطره (فيديو)

0 second read
2
0

على مرمى حجر من الحدود الجزائرية، يتجمّع مئات العمّال القادمين من مناطق بعيدة، في صناديق العربات الخلفية، إلى جبل بوربعية، بمعتمدية حيدرة من ولاية القصرين، كبداية صيف كلّ عام، من أجل جمع وتقطير نبتة الإكليل، في نشاط قديم ومتجدد، رغم ما خلّفه الإرهاب من غلق لجبال عديدة، ممّا حصر هذا المجال في مناطق جبلية دون أخرى.

عشرات العائلات، التي تعيش تحت خطّ الفقر،  تنتظر فترة جني الإكليل، لضمان دخل موسميّ، يعيلها على مشاق عيشها في معتمديات ترتفع فيها معدلات البطالة وتقل فيها الخدمات، كجهة العيون وغيرها.

يقول عادل كرتلي، عامل في جمع الإكليل، أخرج من منزلي من معتمدية العيون، نحو غابة بوربعية، في الساعة الثانية بعد منتصف الليل، يوميا، رفقة زوجتي وابني. لا مورد رزق لي إلا نبتة الإكليل. تقدمت منذ مدة بمطلب للحصول على مساعدة دورية من الشؤون الاجتماعية، فلم يلقَ رجائي أيّة ردة فعل إلى اليوم. أشعر بالحزن والتعب…

تضيف زوجته نجاة “العمل شاق ومضني. ابني الصغير يرافقني في ساعات العمل في الجبل. نحن لا نملك حلولاً أخرى غير مشاق الجبل ومتاعب العمل منء ساعات الفجر الأولى.”

نجاة وعادل عاملان من ضمن مئات العمال الذين تستقبلهم جبال القصرين لجني الإكليل، بعد  التفويت بالكراء في 7137 هكتار، من المساحات الجبلية، بمبلغ يقدّر ب220 ألف دينار.

وكانت الدولة قد اقترحت  التفويت بكراء  17616 هكتار من مساحات الإكليل لهذا الموسم الفلاحي، لكن المساحة التي تم التفويت فيها بالكراء في المزاد كانت في حدود  7137 هكتار، بسبب عدم توفر العروض لبقية المساحات، نظرا لتأثير الجفاف على غابات القصرين.

حال إنتهائهما من جمع الإكليل، يقدم عادل ونجاة ما حصداه إلى عمّال الوزن، لنيل أجرتهما مقابل كمية ما جنياه من الجبل. لتنطلق، بعدها، مرحلة تقطير الإكليل.

بعيدا عن الغابة، تنتصب آلات كبيرة للتقطير بشكل مستقيم. عمال آخرون يقومون بهذه المهمة حال وصول الإكليل الذي تم جنيه من جامعيه. الأمر يسير بدقة لا متناهية. أمام كل آلة يجتمع ثلاث عمّال. يرصّفون الإكليل، ثم يضعونه أعلى آلة التقطير. يضاف الماء إلى الجزء الثاني من الآلة. ويشعلون النار من تحتها. إلى حدود تسبب البخار في خروج الزيت عبر أنبوب من المكان المخصص له. عملية متواصلة على امتداد جبال القصرين في كلّ أزمان التقطير.

من بين خطوط الدخان المتصاعدة، يقول الهادي خضراوي، عامل في مجال تقطير الإكليل، “نحن قادمون من منطقة القرين، بمعتمدية العيون، أفقر مناطق تونس على الإطلاق، نحو الغابة، من أجل العمل. شغلنا وإن كان شاقا وبمقابل بسيط، لا يكفي في أحيان كثيرة لتوفير المواد الغذائية المفقودة بطبعها، فهو شرف وعبادة. لو ترجع قيمة العمل إلى بلدنا، ستكون تونس بخير…”.

ويختم بصوت شجيّ أخذ من الجبل حسنه، بترديد أغنية، من تأليفه، تحاكي عيش عمّال الإكليل في الجبال، بين نار التّقطير ولهيب الظروف الاجتماعية الحارقة. نيران لو تحدثت سياسة لطالبت بالعدالة الاجتماعية لعمّال يساهمون في صناعة زيوت إكليل يباع اللتر منها، خارج البلاد، بمبالغ تفوق أجرة يومية لعائلة كاملة تحدّت مخاطر الطريق في صناديق العربات الخلفية، وصارعت حرارة قطّرت الجهد البشري مع الإكليل…

برهان اليحياوي

المصدر : موزاييك ف م

Load More Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Check Also

أفارقة جنوب الصحراء في تونس : مطالب العودة و عمليات الترحيل في ارتفاع

أفارقة جنوب الصحراء في تونس : مطالب العودة و عمليات الترحيل في ارتفاع عقدت لجنة العلاقات ا…