Home أخبار “الصباح” تضع كمال الجندوبي وزاكي الرحموني وجها لوجه: مدى استقلالية هيئة الانتخابات واستعدادهما للالتحاق بتركيبتها؟

“الصباح” تضع كمال الجندوبي وزاكي الرحموني وجها لوجه: مدى استقلالية هيئة الانتخابات واستعدادهما للالتحاق بتركيبتها؟

6 second read
2
0

 

تونس- الصباح

تباينت مواقف المختصين والمتابعين للشأن السياسي والانتخابي في تونس حد التناقض، من مرسوم رئيس الجمهورية المتعلق بإعادة تنظيم مهام وتركيبة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. وما يجعل الأمر يستحق المتابعة هو أن نجد ذلك الاختلاف صلب أعضاء الهيئة نفسها التي أشرفت يوما على أولى تجارب انتخابات مستقلة عن السلطة التنفيذية ما بعد ثورة 17 ديسمبر -14 جانفي 2011.

موقفان سعت “الصباح” إلى تقديمهما صلب ركن وجها لوجه، وحاولت من خلاله وضع قراءة كل من كمال الجندوبي الرئيس الأسبق لهيئة الانتخابات سنة 2011 ورفيقه في نفس الهيئة العضو زاكي الرحموني لنص المرسوم. مع السعي إلى تبيان مواقع الاختلاف بينهما فيما يتصل بالتشخيص والتخوفات ومدى استعدادهما أن يكونا من جديد صلب تركيبة هيئة الرئيس..

إعداد : ريم سوودي

الأسئلة:

1/ ما هو تقييمك للمرسوم رئيس الجمهورية المتعلق بإعادة تنظيم مهام وتركيبة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات؟

2/ ما هي التهديدات أو التخوفات التي لديك فيما يتصل بالاستحقاق الانتخابي القادم وهل الهيئة قادرة على تامين هذه المحطة الانتخابية؟

3/ وما التحديات التي تواجهها الهيئة الجديدة اليوم؟

4/ ماذا لو كنت من مرشحي رئيس الجمهورية لعضوية هيئة الانتخابات الجديدة ؟

زاكي الرحموني:

المرسوم خطوة في اتجاه تحقيق استقلالية الهيئة

إن دعيت سأكون جنديا من جنود هذا الوطن وسالبي نداء الواجب

 

1/ المرسوم بالنسبة لي في الوقت الحالي، وفي إطار الظرف الاستثنائي وسلطة الاستثناء. يمثل خطوة في اتجاه تحقيق استقلالية الهيئة. وما اعتبر انه إيجابي هو فصله بداية بين جهة الترشيح وجهة الاختيار وأيضا فصل جهة الإعفاء فهو لم يعط سلطة مطلقة لجهة التعيين. وهذه النقاط تعطي درجة كبيرة من الاستقلالية للهيئة.

وثانيا نوعية المترشحين، فهناك حسب المرسوم 3 أعضاء من الهيئات السابقة ورئيس الهيئة يعين من ضمن الهيئات السابقة وهو أمر حسب رأيي يعطي ضمانات كبيرة لاستقلالية الهيئة، إلا أنها تبقى مرتبطة بنوعية اختيار الرئيس. فالشخص الذي سيكون على رأس الهيئة هو الذي سيحدد مستوى استقلاليتها ومستقبل المسار الانتخابي.

وحسب متابعتي، من تم تعينهم في تركيبة المجلس الأعلى للقضاء هم معينون بصفتهم.. فإذا اختيارات رئيس الجمهورية لأعضاء المجالس القضائية كانت بدورها موضوعية ولم تخضع لرغباته الشخصية باعتبار أن عددا من الأعضاء الحاليين كانوا موجودين في المجالس السابقة.

مع أنني ما يمكنني أن أشير له في هذا السياق، أنني كنت أتمنى أن تكون اختصاصات أخرى موجودة داخل تركيبة الهيئة وأساسا مختص في الإحصاء يرشحه المعهد الوطني للإحصاء وذلك لأهمية المقاربة الإحصائية في الشأن الانتخابي. فهي الأساس الذي تقوم عليه العملية الانتخابية وتضيء الطريق لبقية المسار الانتخابي. لكن مع ذلك لا يمكنني أن أوجه نقدا كبيرا للتركيبة، أو أن نتناسى طبيعة حالة الاستثناء التي لا يكون فيها اعتماد تشاركية كبيرة في الاختيارات بما أن سلطة التشريع لدى رئيس الجمهورية فقط إضافة لممارسته السلطة التنفيذية فلا يمكنه أن يستشير أو يحيط نفسه بعدد كبير من المستشيرين في هذا الشأن. وحسب تقييمي يمكن أن نحسن التركيبة في المستقبل.

وهناك حسب رأيي 3 أنواع من الأعضاء، جزء استمات في الدفاع عن استقلالية الهيئة في الانتخابات وخاض معارك من اجل ذلك وكانت له مواقف جريئة في المسار الانتخابي، وهناك أعضاء خفت صوتهم بمجرد خروجهم من الهيئة، وآخرون اصطفوا منذ البداية إلى جانب أحزاب متنفذة وأحزاب حاكمة ولم يكونوا مستقلين في أدائهم.

 

2- الهيئة بالتركيبة الجديدة ستكون قادرة على تامين هذه المحطة الانتخابية خاصة أن الأعضاء القدامى لهم ميزتان، الرؤية النقدية للأداء الهيئة السابق عبر المسافة التي كانت لهم، فضلا أن لهم من الخبرة التقنية ما يمكنهم من تامين هذه الاستحقاقات إذا ما جمع مع الرسكلة والخبرة التي اكتسبت الإدارة التنفيذية للهيئة.

وأنا أريد أن أشير في هذا السايق الى ان موقفي في انتخابات 2011 كان نفسه وقلت آنذاك أن الهيئة قادرة على انجاز وتامين الانتخابات في موعدها الأول في جويلية 2011 بصعوبات ولا ضرورة لتاجيلها الى شهر أكتوبر.

 

والهيئة اليوم تتطلب بعض الإصلاحات العاجلة، وبالاساس التسجيل الذي من المفروض ان يكون بشكل دائما وقائم على ادماج الشباب التونسي في الحياة السياسية، فذلك ما سيقي البلاد من المخاطر والأزمات.

وبالعودة الى انتخابات 2019، الصديق نبيل بفون اسندناه بالمشورة والدعم في اعتماد استراتيجية التسجيل واعطت اكلها وتمكنا من تسجيل مليون ونصف من الناخبين وكان يمكن ان نصل الى 2 مليون الا ان بعض الضغوط أجبرت الهيئة على الحد من عمليات التسجيل. وهذا الجانب لنا فيه خبرات عالية وجميع الخبراء يعلمون ذلك واساسا الخبراء الأجانب الذين كان لهم يد في الشأن الانتخابي التونسي.

 

3- الخبراء الأجانب، واقصد هنا الأطراف الممولين للهيئة، لم يتم التعامل معهم بنفس  الطريقة، من 2014 اعتبر انهم سيطروا تماما على الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. والاشكال طرح منذ 2011 وكان عبر تقديم المشورة التقنية والمساعدة المادية، اين تم محاولة اسقاط نماذج وتجارب اجنبية على الواقع التونسي التي لم تكن تتلاءم مع ما هو تونسي. وانا لا ارفض التعامل مع الاطراف الأجانب لكن لا يمنع انه يجب ان يكون تعاملا نديا ويتم خلاله اعتماد من لهم حقيقة تجربة وليس في شاكلة من تم ارسالهم سابقا. ويجب ان تتم مراجعة الاطار الذي يتم خلاله اعتماد هؤلاء الخبراء والمرافقين لاشغال الهيئة من الأجانب والداعمين للمسارات الانتخابية.

فيما يتعلق بالمعطيات وأنظمة المعلومات وبصفتي خبيرا في هذا السياق ألاحظ إخلالا كبيرا فيما يهم المعطيات والمعلومات المنشورة على موقع الهيئة، وهي المعطيات التي يمكن ان يتم اعتمادها للاستشراف وقراءة النتائج في حد ذاتها ومن المخجل ان موقع الهيئة يكون بهذا المستوى وكنت قد نبهت لذلك في أكثر من مناسبة وتواصلت مع رئيس الهيئة نبيل بفون وكنت قد نشرت مجموعة من الخرائط في ذلك في 2011 ولم يتم تحيينها نتيجة غياب المعطيات.

 

4- صراحة لا أعلم ان كنت من المرشحين او لا، لكن الأكيد انني من ضمن قائمة الأشخاص المعنيين بذلك وبنص المرسوم انا من ضمن أعضاء الهيئات السابقة لا اكثر ولا اقل، لا أسعى لان أكون من ضمن المرشحين ولكن ان دعيت سأكون جنديا من جنود هذا الوطن وسالبي نداء الواجب.

وحتى ان لم اكن من ضمن الفريق المرشح، انا ساكون بخبراتي وتجربتي وما لي من رؤية إصلاحية فيما يتعلق بهيئة الانتخابات وطريقة عملها وجاهزيتها وخاصة جانب تخصصي وهو الإعلامية، على ذمة الهيئة وفي خدمة المجموعة الوطنية.

      

 

كمال الجندوبي:

المرسوم خلق تشكيكا في مسالة حياد الهيئة وفي مدى استقلاليتها 

نحن اليوم بصدد نسف مسار البناء الديمقراطي..

لا يمكنني أن أكون من ضمن أعضاء هذه الهيئة الجديدة

1- دون الخوض فيما هو قانوني، ومسالة تعويض قانون بمرسوم. المهم في التقييم ان يتم تناول أولا الظرف، فنحن في إطار الاستثناء وظرف استثنائي لم نعد معه في دولة القانون وإنما أصبحنا في دولة الأمر الواقع. وبعد أن قام رئيس الجمهورية بحل المجلس الأعلى للقضاء قرر ان يواصل في نفس التمشي والطريق وقرر تغيير تركيبة الهيئة في مدة لا يفصلنا عن الموعد الانتخابي الأول المقرر في خارطة الطريق المعلنة من قبله إلا 3 أشهر تقريبا.

ويهم الجانب الثاني في التقييم طريقة التعامل المعتمدة من قبل رئيس الجمهورية، وهي الانفرادية، فلم يعتمد قيس سعيد لا تشاركية ولا حوارا في مسار إقراره للمرسوم، لا مع الأحزاب المعنية بالمسار الانتخابي ولا مع منظمات المجتمع المدني التونسي التي اكتسب تجارب وتكوين وخبرات عالية جعلت منها ذات مرجع يتم الاستئناس بها على المستوى الدولي. وهو تمش يخلّف انعداما شبه تام للشفافية يزيده ثقلا انه قرار غير قابل للطعن. والأكثر خطورة حسب رأيي أن المرسوم جاء في سياق عام اعتمده الرئيس ومن المحتمل أن تتم المواصلة فيما يتعلق بالمحيط الانتخابي، فعلى الأغلب أيضا أن يقوم رئيس الجمهورية بتغييرات في تركيبة هيئة الاتصال السمعي البصري التي لا تلقى رضا أو مقبولية بدورها لدى رئيس الجمهورية وقام والمقربون منه بنقدها في أكثر من مناسبة. وأيضا فيما يتصل بمهام أعضاء الهيئة فهو يعين كل أعضاء الهيئة، ويمكنه من مهام مجحفة، وفي نفس الوقت يكون الوحيد الذي يمكنه ان يعفيه.. فرئيس الجمهورية جعل هيئة الانتخابات تعكس صورة طبق الأصل لما يقوم به هو على مستوى مؤسسة الرئاسة.

والأقرب للواقع سيكون اختيار أعضاء الهيئة وخاصة رئيس الهيئة من ضمن عناصر لها درجة عالية من الوفاء لرئيس الجمهورية، بدرجة تضع محل تساؤل استقلالية الهيئة في حد ذاتها، وهذه الفلسفة هي التي يمكن اعتمدها في تقييم أدائها بالنسبة له.

2- الإشكاليات المطروحة تتعلق بداية بموعد التغيير، جاء في اقل من 3 أشهر عن موعد الاستفتاء، وهو يطرح خطرا كبيرا فيما يهم زعزعة ما تراكم من تجارب وخبرات وأسس تنظيمية لدى الهيئة ويجعل تركيبتها الجديدة أمام تحد هل ستكون قادرة على مواجهة الاستحقاق؟ خاصة انه سيكون لها القدرة ـ وعلى الأغلب ستتجه إلى القيام بذلك ـ لتغيير الجهاز التنفيذي مع ما سيكون له من تأثير على عمل الهيئة. علما وان رئيس الجمهورية قد وضع هيئة دائمة جديدة، مدة عملها تمتد على 4 سنوات في ظرف استثنائي وكأنه يوحي لنا ويعلمنا أن الفترة الاستثنائية ستطول.. ويعتبر نفسه انه الطرف الوحيد السياسي الذي له شرعية اختيار أعضائها.

أما الإشكالية الثانية فتتصل بالمس الجذري لاستقلالية الهيئة العليا المستقلة للانتخابات كما ينص اسمها، أين سيطرح تشكيك في مسالة حيادها وهو أمر سيغذي التشكيك أيضا في مدى استقلالية وفي النتائج التي ستصدر عنها وسيكون قادحا للعزوف عن الانتخابات ومقاطعة الاستحقاقات الانتخابية وعدم الاكتراث لها من قبل الجسم الانتخابي.

3-هناك موضوع وعنصر هام للغاية يتم تجاهله ولا يقع في العموم الحديث عنه او تناوله فيما يتعلق بهيئة الانتخابات، وهو أن مهمة الهيئة الأساسية هي دعم الديمقراطية ويتطلب أن يكون لذلك انعكاس على مستوى استقلالية تركيبتها وتنظيمها المالي والإداري وخاصة استقرارها المبني على مستوى توازن القوى بين جهازها التنفيذي وجهازها المسير.

واشدد هنا على ان الاستقلالية تسند على مستوى الكفاءة واختيار الشخص في حد ذاته فإما سيكون عضوا من المعروفين بنزاهته وخبرته او سيكون عضوا تقنيا ليشرف على الصناديق أكثر منه على دعم الديمقراطية.

ونحن في مسار تحول ديمقراطي يجب أن نقوم بالتشخيص، هل نحن في طريق ندفع خلاله إلى التقدم وتعزيز الاختيارات الديمقراطية السياسية والاقتصادية والاجتماعية أو نحن بصدد المس منها، وللأسف حسب اعتقادي ورأيي الشخصي نحن اليوم بصدد نسف مسار البناء بكل ما حمله من هنات وأخطاء وخطوات إيجابية.

اليوم نحن أمام استحقاق انتخابي، لا نعلم فيه ما هي الآليات التي سيتم اعتمادها في انتداب العاملين في مكاتب الاقتراع ومستوى تشريك منظمات المجتمع المدني والأحزاب في ذلك والسبل التي سيتم تقريرها من اجل التقليل من نسب الاختراق.

فسابقا عملية الرقابة كان عنصر قوتها تواجد المجتمع المدني الذي تم إضعافه اليوم، ومع ما رافقها من إشكاليات ومحاولات اختراق من قبل حركة النهضة والأحزاب النافذة. كانت هيئة انتخابات تحت التأثير لهنات لكن مع المرسوم الجديد اليوم نجد أنفسنا أمام هيئة تحت نفوذ رئاسة الجمهورية ومهما كانت شخصية من سيرأسها لا اعتقد أنها ستكون قادرة على المحافظة على المسار الديمقراطي.

4- أنا كرئيس سابق للهيئة المستقلة للانتخابات وكعضو من ضمن أعضائها المرشحين اليوم، وكحقوقي وكمواطن تونسي، لا يمكنني أن أكون من ضمن أعضاء هذه الهيئة الجديدة بتركيبتها وطبقا للنص الذي ينظمها. بل سأعمل من موقعي على نقدها ومراقبتها بكل شدة. فالتغيير الذي طرأ عليها كان فيه مس كبير من استقلاليتها وسيجعلها تتقدم بخطوات متعثرة.

واذكر هنا انه كان لي نقد للهيئات السابقة ولتوجهات الحكومات التي ترافقت معها وكل المسارات التي قامت بها حركة النهضة للمس من مبدأ الشفافية والاستقلالية داخلها. والوضع اليوم يجعلني أمام تخوف حقيقي من دفع البلاد نحو الحياد عن المسار الديمقراطي.

المصدر : الصباح نيوز

Load More Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Check Also

سعيد لماكرون: توافد عدد من المهاجرين غير النظاميين من جنوب الصحراء أمر غير طبيعي

سعيد لماكرون: توافد عدد من المهاجرين غير النظاميين من جنوب الصحراء أمر غير طبيعي   جرت، أم…