Home أخبار أطفال يتلاعب بهم موج ‘الحرقة’ في رحلتهم الأخيرة نحو الشّمال..

أطفال يتلاعب بهم موج ‘الحرقة’ في رحلتهم الأخيرة نحو الشّمال..

5 second read
2
0

ما يزال حي الغابات ‘الشعبي الفقير’ من معتمدية سبيطلة التابعة لولاية القصرين، يعيش على هول فقدان ثلاثة أطفال، خرجوا في رحلة هجرة غير نظامية، منذ أكثر من 10 أيّام، ولا أحد يعلم عنهم شيئاً، إلى اليوم.

وبين خوف عائلاتهم من شبح غرق قد يكون تربّص بأبنائهم، وأمل لا ينقطع كالحياة، مع كل ساعة تمرّ. وقد تكشف عن بقاء الأطفال على قيد الحياة، تمرّ الأيّام بطيئة متثاقلة، على حي هاجر منه الكثير على مضيّ السنوات الماضية بطريقة قديمة على متم قوارب الموت، أو بطريقة حديثة مرورا بتركيا وصربيا ثم بولونيا.

وما حي الغابات إلا نموذجا لأحداث منعزلة تحولت لظاهرة تستحق التفكير والتمعّن  والدّراسة.

أسعار تفاضلية لحرقة الأطفال وأسباب كثيرة أخرى

قال الناطق الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر في تصريحه لموزاييك “القصّر مكانهم الطبيعي المدرسة أو مؤسسات التكوين أو مؤسسات الطفولة، لكن اليوم نجد 2101 طفلاً هاجر، بطريقة غير نظامية نحو إيطاليا، منذ بداية سنة 2022، وهو تقريبا العدد نفسه الذي يخص هجرة الأطفال سنة 2021، الذي كان في حدود 2042.”

وشدد بن عمر على أن أرقام الهجرة العائلية بصدد التطوّر مقارنة بالسنوات الفارطة، وبلغت 636 حالة منذ بداية سنة 2022، وكانت في حدود 409 حالة، سنة 2021.

ويفسّر محدّثنا الظاهرة على كونها إحدى تمظهرات فشل سياسات الدولة في التعاطي مع مؤسسات الطفولة، ويذكّر بأن 52 مؤسسة طفولة بتونس في حالية شلل تام، لغياب مؤطرين، بسبب سياسة الدّولة وصندوق النقد الدولي ودورهما في تجميد الانتدابات، وفق تعبيره.

وأشار بن عمر إلى تلاشي دور العائلة كواحد من أهم أسباب بروز هذه الظاهرة، خصوصا مع ظهور جرائم العنف والمخدرات التي جعلت مخاوف العائلة من المجتمع تتضخم، فموّلت العائلات أو تواصلت مع شبكات هجرة غير نظامية، لتأمين الهجرة لأطفالها.

وأوضح مخاطبنا أن بروز مصاعد أخرى، بعيدا عن المصعد الاجتماعي، كالتجارة الموازية والهجرة غير النظامية، ساهم في تنامي هذه الظاهرة، إضافة إلى دراية القصّر بالقانون الدولي، الذي يجبر إيطاليا على استقبالهم، وتوفير أسعار تفاضلية من شبكات “الحرقة” للطفل، كعوامل مساهمة في تنامي هذه الظاهرة المؤلمة والمخيفة. 

النصوص القانونية لحماية الطفل قد تتحول لمجرّد حماية افتراضية

من جانبها أشارت قاضية الأطفال بالمحكمة الابتدائية بنابل، سهير حسني في تصريحها لموزاييك، إلى تسبب ضعف تدخّل المؤسسات المعنية بالطفل، في مثل هذه الوضعيات، أو افتقارها للموارد البشرية أو المادية أو اللوجيستية وسوء توزيعها الجغرافي، في جعل النصوص القانونية التي وضعها المشرع لحماية الطفل، مجرّد حماية افتراضية.

وأوضحت افتقار المنظومة القانونية لآلية خاصة لمعالجة جرائم اجتياز الحدود خلسة، والتعهد النفسي والاجتماعي لمرتكيبيها، نظرا لخصوصية الجريمة وكلفتها النفسية والاجتماعية على الطفل، خصوصا بعد تجربة قد يكون صارع فيها كل أنواع المخاطر، في حداثة سنه، وفي غياب الرشد عنه.

كما شددت على أن النصّ يعاقب يعاقب بالسجن مدة 3 أعوام وبخطية قدرها 8 آلاف دينار، كلّ من أرشد أو دبّر أو سهّل أو ساعد أو توسط أو نظّم، وإن كان ذلك دون مقابل، دخول شخص إلى التراب التونسي أو مغادرته خلسة.

جمع المال بطريقة سهلة و”مشاكل الإسقاط”

من ناحية أخرى، أكدت الإخصائية في علم النفس، ياسمين ساسي في تصريحها لموزاييك، أن الظاهرة هي إحدى تجليات “مشكل إسقاط” (un problème de projection)، يتمحور حول إيجاد “نموذجا تمييزيا”  ( modèle identificatioire)، استند على جمع المال بطريقة سهلة. ولفتت إلى دور الأولياء في ظهور هذا النموذج عبر توهّم مستقبل أفضل للكفل ولعائلته، عبر الحرقة.

وشددت الخبيرة على دور الدولة لمكافحة هجرة الأطفال غير النظامية، عبر تحسيس الأطفال والعائلات، والعناية بالطفل وتوفير حاجياته.

عود على بدء

قبل التحقيق وأثناءه وبعده ما تزال صور “الحارقين” عبر البحر نحو إيطاليا، أو عبر صربيا نحو الاتحاد الأروبي، تجتاح أخبار الفايسبوك، ولا تزال أمّ الطفل “أ”، التي حاورتها موزاييك، تبحث عن مستجدات أخبار ابنها المفقود، منذ أيام، بسبب “حرقة”، بين طرقات سبيطلة والمنستير، وبين جثث كلّ من لفضه البحر في رحلته الأخيرة نحو الشمال…

 

*برهان اليحياوي.
 

المصدر : موزاييك ف م

Load More Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Check Also

اليوم: الأساتذة يحتجّون رفضا للتدخل في الشأن التربوي

اليوم: الأساتذة يحتجّون رفضا للتدخل في الشأن التربوي تُنظّم الجامعة العامة للتعليم الثانوي…