Home أخبار أحمد القديدي يكتب لكم: من الذي يخاف وحدة الأمة الإسلامية؟  

أحمد القديدي يكتب لكم: من الذي يخاف وحدة الأمة الإسلامية؟  

0 second read
2
0

كتب: د.أحمد القديدي

عديد المثقفين العرب المنحرفين عن هوياتهم بسبب تمسكهم بثقافة مستعمرهم القديم ما يزالون كلما ذكرت عبارة (الخلافة) يتهكمون على الناطق بها و يقزمونه كأنه استفز “علمانيتهم” و أراد إخراجهم من “جنة الحداثة”!

حتى أنه أصبح  من ميزة “السياسي العربي المعاصر” أن يكون ببغاء لأطروحات المستعمرين الجدد يكرر حججهم و يعيد تكرير براهينهم التي تدين (الخلافة) و تصنف كل من يذكرها بخير من بين المنبوذين و دعاة التطرف بل حتى الإرهاب!

جهل بالتاريخ

وهؤلاء إما يجهلون التاريخ أو يتجاهلونه بأمر أسيادهم و ينخرطون في نفس مخططات (العولمة المدلسة) أي التي يصوغها الغرب المسيحي بأذرعه العنصرية و أعوانه الإسرائيليين و المحافظين الجدد (نماذج برنارد لويس و جيل كيبيل و كوشنير عراب صفقة العار) و هكذا نشأ جيل كامل من النخبة (الأحرى النكبة) العربية تشيطن و تلعن من يؤمن بتوحيد المسلمين عملا بالآية الكريمة (إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ سورة الأنبياء الآية 92 ) نعم هم جهلة و ضالون يضلون الناس، ولعلهم لا يعرفون أن أول من نادى بتأسيس منظمة المؤتمر الإسلامي عام 1966 هو العلماني الزعيم الحبيب بورقيبة حين استقبل في تونس الملك الصالح الراحل فيصل بن عبد العزيز وكان يجمع بين الرجلين إستهداف المرحوم جمال عبد الناصر لهما لأن رئيس مصر كان يريد نفسه “زعيم القومية العربية »…
وقسّم الأنظمة العربية إلى تقدمية و رجعية و جعل من جامعة الدول العربية (ومقرها مصر) إدارة تابعة لوزارة الخارجية المصرية و ذراعا لتبرير حربه في اليمن بدعوى أن ما يسميهم الأنظمة الرجعية هي عميلة الاستعمار والأمريكان (دول الخليج و الأردن و المغرب و تونس…) بل و في نفس السنة 1966 و يوم 28 أوت قتل عبد الناصر الشهيد سيد قطب ورمى في السجون قيادات الإخوان المسلمين بينما يوثق التاريخ الأمين أنه لولا تأييد مرشدهم الهضيبي للانقلاب يوم 23 يوليو 52 لما استولى الضباط على الحكم!

تأسيس منظمة المؤتمر الإسلامي

وعشت شخصيا خفايا زيارة الملك فيصل إلى تونس و اتفاق الرجلين في القيروان على مقارعة التوجه الناصري الشعبوي بمنافسته بمنظمة إسلامية تقاوم التوجه القومي العربي المنحرف، وبالفعل تأسست منظمة المؤتمر الإسلامي و تجسدت خاصة بعد جريمة إحراق المسجد الأقصى و أختير المرحوم الدبلوماسي التونسي المتميز الحبيب الشطي أمينا عاما لها و استقرت في مدينة جدة بعدد من  الدول المسلمة أعضاء. كان بورقيبة زعيما براغماتيا لا يؤمن بما يسمى الدولة الإسلامية رغم أنه أثناء مرحلة الكفاح الوطني من 1933 الى 1955 كان يجند التوانسة بشعارات إسلامية ضد من كان يسميهم المحتلين النصارى بل وصل إلى حد تزعم حركة مقاومة التجنيس 1933 لمنع دفن المتجنسين في مقابر المسلمين إعتمادا على الأية القرأنية التي ذكره بها الشيخ إدريس مفتي مدينة بنزرت :” ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾
 

دولة القرآن

وهنا التقت رؤية بورقيبة العلماني مع رؤية الملك فيصل حامي حمى الحرمين في اعتماد الوحدة الإسلامية لا في شكل خلافة بل في نظام أخلاقي يستمد من روح الشريعة ولا يرضى بالتفرقة القومية (عرب أتراك فرس أفغان إلخ…) و من ذلك كان بورقيبة كما قاله لي شخصيا يقرأ ما كتبه عام 1953 الشيخ محمد البشير الإبراهيمي أحد أبرز علماء المسلمين الجزائريين و والد صديقنا في المنافي د.أحمد طالب الإبراهيمي وزير التربية ثم الثقافة في الجزائر سابقا و الشيخ البشير هو رفيق درب و كفاح  الشيخ عبد الحميد ابن باديس صاحب قصيدة (شعب الجزائر مسلم و إلى العروبة ينتسب) و من بحوث الشيخ الإبراهيمي بحث بعنوان (دولة القرآن) جاء فيه بالخصوص: ” 
“ما أضاع المسلمين ومزَّق جامعتهم ونزل بهم إلى هذا الدرك من الهوان إلَّا بُعدهم عن هداية القرآن  وجعلهم إياه عِضِين وعدم تحكيمهم له في أهواء النفوس ليكفكف منها وفي مزالق الآراء ليأخذ بيدهم إلى صوابها وفي نواجم الفتن ليُجلي غماءها وفي معترك الشهوات ليكسر شِرَّتها وفي مفارق سُبل الحياة ليهدي إلى أقومها وفي أسواق المصالح والمفاسد ليميِّز هذه من تلك، وفي مجامع العقائد ليميِّز حقَّها من باطلها، وفي شعب الأحكام ليقطع فيها بفصل الخطاب وإنَّ ذلك كلَّه لموجود في القرآن بالنصِّ أو بالظاهر أو بالإشارة والاقتضاء، مع مزيد تَعجِز عنه عقول البشر مهما ارتقت وهو تعقيب كلِّ حُكم بحكمة وكلِّ أمر بما يُثبِّته في النفس وكلِّ نهي بما يُنفِّر عنه، لأنَّ القرآن كلام خالق النفوس، وعالم ما تكنُّ وما تُبدي ومركِّب الطبائع وعالم ما يصلح وما يفسد وبارئ الإنسان وسطاً بين عالمين.” (إنتهى كلام الشيخ البشير)…

خلافات دينية

والجاهلون العرب بحقيقة تشكل العالم اليوم لم يدركوا بعد أن المفكر الأمريكي من الديانة اليهودية (صامويل هنتنغتون) في نظريته الشهيرة (صدام الحضارات التي كانت بحثا في مجلة فورين بوليسي عام 1992 ثم حولها إلى كتاب ترجم إلى أغلب اللغات) قسم العالم إلى “خلافات دينية” ترتكز أساسا على العقائد تستلهم قوتها المادية و العسكرية و الإقتصادية من تشبعها بروحانية أديانها وهي الاتحاد الأوروبي الذي هو خلافة كاثوليكية و الولايات المتحدة التي هي خلافة بروتستنتية وروسيا التي هي خلافة أورثودكسية و الصين التي هي خلافة كنفوشية و شبه القارة الهندية التي هي خلافة هندوسية و ينتهي كتاب (صدام الحضارات) إلى أن العدو المخيف لهاته الخلافات هو الخلافة الإسلامية عندما تستيقظ أمتها التي هي أم الخلافات منذ فجر الإسلام.

المصدر : الصريح

Load More Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Check Also

عاجل: سليانة: رفض مطلب الإفراج عن المرشح الرئاسي العياشي زمال

عاجل: سليانة: رفض مطلب الإفراج عن المرشح الرئاسي العياشي زمال قررت الدائرة الجناحية بالمحك…