Home أخبار نوفل سلامة يكتب/ مخاطر استخراج الغاز الصخري:أنبوب الغاز الجزائري ملف مسكوت عنه (2/2)…

نوفل سلامة يكتب/ مخاطر استخراج الغاز الصخري:أنبوب الغاز الجزائري ملف مسكوت عنه (2/2)…

0 second read
2
0

كتب: نوفل سلامة

كنّا في المقال السابق من تغطيتنا لندوة مؤسسة التميمي التي أقامتها يوم السبت 23 أفريل الجاري حول مخاطر استخراج الغاز الصخري المعروف بغاز السيشت قد تعرضنا إلى التطورات الجديدة الحاصلة في هذا الملف منذ 2012…

وما حصل في فترة حكومة حمادي الجبالي من معارضة شديدة قادها المجتمع المدني ضد مشروع وزير الصناعة والتجارة آنذاك محمد الأمين الشخاري لإنتاج الغاز الصخري في منطقة القيروان…

طاقة جديدة

وكيف تحرك الملف من جديد في السنوات الأخيرة بكل هدوء وفي كنف السرية، ومن دون تشريك واسع لمكونات المجتمع…وكيف أعيد الحديث عنه في فترة حكومة الشاهد وما حصل من إمضاء بالإجماع على الدراسة التي قام بها مكتب دراسات لصالح الحكومة التونسية حول جدوى إنتاج الغاز الصخري والإمكانيات الممكنة والمتاحة للبلاد للحصول على نوع جديد من الطاقة يكون بديلا عن الطاقة الأحفورية أو ما يسمى بمصادر الطاقة التقليدية المتكونة من مادة الفحم والغاز والنفط…

وتكون قادرة على توفير كامل احتياجات البلاد من الطاقة ما يغنيها عن شراء وتوريد النقص الحاصل من مادة الغاز والنفط اللازمين لتوليد الكهرباء المادة الضرورية لحياة المواطن و المستعملة في التدفئة ومختلف الاستعمالات المنزلية والصناعية…

مخاطر حقيقية

وكنا قد أشرنا إلى ما خلصت إليه كل الدراسات التي أجريت حول هذا النوع من الطاقة والتي أكدت على وجود مخاطر حقيقية ترافق إنتاجها تتعلق بما يحصل من هدر كبير للماء…
وما يحصل من استنزاف للمائدة المائية في الوقت الذي ينتظر البلاد حصول أزمة عطش في السنوات المقبلة وتراجع هام لمخزونها من المياه الجوفية ومخاطر أخرى تلامس تلوث التربة جراء تسرب الماء المستخرج نتيجة عمليات الحفر عن الغاز الصخري و الممزوج بالمواد السامة إلى الأراضي الفلاحية ما يهدد فلاحتنا و أمننا الغذائي في الوقت الذي كان من الأولى أن نتجه نحو خيارات طاقية أخرى وأن نفكر في بدائل أفضل لا تشكل تهديدا لا للبيئة و الإنسان ولا تضر بالمقدرات الطبيعية…

الطاقة الشمسية

لقد كان من الأجدى المراهنة على الطاقة الشمسية بدل الذهاب إلى إنتاج الغاز الصخري الذي يشوبه العديد من الشبهات ووراءه جهات من مصلحتها إنتاج هذا النوع من الطاقة في ضرب صارخ لكل المخاطر التي نبه لها العارفون بالملف.    
بعد هذا المقال نأتي الآن إلى المداخلة الثانية التي قدمتها الأستاذة المحامية فوزية باشا والتي خصصتها للحديث عن الجديد في ملف أنبوب الغاز الجزائري الذي يمر عبر الأراضي التونسية نحو إيطاليا، وهو الاتفاق الذي أمضت عليه الحكومة التونسية في سنة 1977 ودخل حيز التنفيذ في سنة 1983 على أن تنتهي مدته في سنة 2008 والاتفاقية الثانية التي أبرمت في 3 ماي 1996 والتي تنتهي في سنة 2018 وهي اتفاقيات تخول للدولة الجزائرية أن تنقل غازها إلى ايطاليا عبر أنبوب يمر من الأراضي التونسية مقابل نسبة يتحصل عليها الشعب التونسي من الغاز العابر إلى إيطاليا حددت بـ 5.25 % من الكمية الأساسية و6 % من الكمية الإضافية و 6.15 % عن الكمية الزائدة وهذه الأخيرة هي نسبة بين النسبة الأساسية والنسبة الإضافية.

الأنبوب الجزائري تحول إلى قضية

الجديد في هذا الملف أن هذه الاتفاقية الجزائرية الإيطالية التونسية قد تم التمديد فيها بعد الثورة من دون العودة إلى مجلس نواب الشعب وهو موضوع قضية مرفوعة أمام القطب القضائي المالي لوجود شبهة فساد في إدارة هذا الملف والتصرف في ما يعود للدولة التونسية من هذا الأنبوب في علاقة بمراجعة نسبة هذه الأتاوات التي نصت عليها الاتفاقية والتي لا ترتقي إلى ما يتم نقله من غاز عبر الأراضي التونسى إلى إيطاليا.

الجديد في هذا الملف ما جاء في تقرير دائرة المحاسبات التي أجرت تدقيقا ومهمة رقابية أفضت إلى أن التمديد بعشر سنوات إضافية في أنبوب الغاز الجزائري قد حصل من دون مراجعة لشروط الاتفاق الأول ومن دون مراجعة ضرورية في نسبة الأتاوة التي تحصل عليها تونس في شكل عائدات مالية أو كمية من الغاز حيث تم التمديد مع الاحتفاظ على نفس النسبة القديمة وهي 5.5 % في الوقت الذي أصبح فيه هذا الأنبوب ملكا للدولة التونسية بعد مرور أكثر 25 سنة على وضعه على أراضينا ما يفرض مفاوضات جديدة و الاتفاق على نسب أخرى تكون في صالح الشعب.

الجديد الآخر في هذا الملف ما جاء في تقرير دائرة المحاسبات بخصوص المسار الذي يسلكه هذا الأنبوب والذي اتضح أنه يخرج من وادي الصفصاف في الجزائر ويمر عبر التراب التونسي في اتجاه ايطاليا بما يعني أن له مسار أرضي وآخر بحري غير أن الذي حصل طوال الفترة السابقة هو أن هذا المسار حينما يخرج من وادي الصفصاف بالقطر الجزائري ينتهي الى آخر نقطة في المسار الأرضي وهي مدينة الهوارية ويتم احتساب حصة الدولة التونسية على أساس هذا المسار فقط في حين يتم التغافل عن المسار البحري والذي يبدأ من الهوارية نحو إيطاليا عبر المسار البحري بما يعني أن الدولة التونسية تخسر حوالي 155 كلم من الأنبوب البحري في مياهنا الاقليمية والاقتصادية…

وبما يعني كذلك أن الشركة التونسية المكلفة بمراقبة عملية المرور وتصفية الاتاوة الراجعة لتونس لم تقم بعملها في الدفاع عن عائدات حق المرور الذي تمنحه تونس للدولة الجزائرية وهي خسارة مقدرة بـ 8 مليون دينار سنويا ما يجعل هذا الخلل يرتقي إلى جريمة فساد في سوء التصرف و في مراقبة الأنبوب الجزائري…

شروط مختلفة

وتتواصل المأساة التونسية مع هذا الفساد المتواصل لنجد أنفسنا بعد أن انتهت صلاحية الاتفاق السابق وأصبح الأنبوب الجزائري ملكا للدولة التونسية مع اتفاق جديد أبرم سنة 2018 و مع تمديد جديد مدته عشر سنوات بشروط مختلفة عن الشروط القديمة وفي مصلحة الطرف الجزائري حيث تم حذف من الاتفاق الجديد النسب التي كانت موجودة في الاتفاقية القديمة والمتعلقة بنسب توظف في صورة أن تم ضخ كميات إضافية أو تكميلية عن الكميات الأصلية وهي في حدود 6 % و 6.15 % والاكتفاء بالنسبة الاصلية وهي في حدود 5.5 بالمائة عن الكميات المنقولة مهما كان حجمها…
والجديد الآخر والذي يعد خرقا قانونيا يرتقي الى اعتباره فساد دولة حينما تم اضافة أنبوب ثان إلى الأنبوب الأول للتوسيع في طاقة النقل ودائرة الضخ غير أن النسبة الممنوحة إلى الدولة التونسية يتم احتسابها على ما يتم نقله مجملا في الأنبوبين والحال أنه من المفروض أن تحصل الدولة التونسية على نسبة 5.5 % من الكمية التي يتم ضخها في كل أنبوب على حدة.

مفاوضات للترفيع في الحصة

ما هو مطلوب اليوم وبعد أزمة الطاقة التي أحدثتها الحرب الروسية الأوكرانية وما خلفته من بحث الدول عن ممولين آخرين للغاز والنفط وما يحصل اليوم من مفاوضات حثيثة بين الجانب الجزائري والإيطالي للتوسيع في طاقة الضخ من الغاز الجزائري نحو إيطاليا، فإنه من المفروض أن تستفيد الدولة التونسية من هذا الظرف العالمي وتعيد النظر في شروط التفاوض مع الجزائر في اتجاه الترفيع من حصة الأتاوة التونسية وتحديد نسب أعلى من النسب السابقة خاصة إذا علمنا أن ما تحصل عليه تونس من الغاز الجزائري يغطي حوالي 65 % من حاجيات البلاد، وتبقى نسبة قليلة يمكن توفيرها من الإنتاج المحلي لنصل إلى الاكتفاء الذاتي الذي يعفينا من توريد النقص الحاصل…
ويجعلنا نتخلص من العجز الطاقي المكلف للدولة والمرهق للميزانية  غير أن الصدمة التي وقفنا عليها بخصوص الانتاج المحلي من الغاز الطبيعي هي أن  الشركات المتخصصة في التنقيب عن النفط تتولى في الغالب حرق الغاز الذي تحصل عليه في الهواء وهي كميات مقدرة بحوالي 33 مليون متر مكعب بعد أن تتولى استخراج النفط في عملية هدر غير مفهومة تحصل في غياب الدولة وأمام رقابة الشركة التونسية للأنشطة البترولية الجهة المكلفة بالسهر على ما تنتجه هذه الشركات من موارد طاقية والجهة المكلفة بمراقبة عمل هذه الشركات.
ونتيجة لهذا الإجرام وهذا الفساد الذي يحصل في ميدان التنقيب عن النفط والغاز أن تبقى البلاد دوما في وضعية العجز الطاقي وفي وضعية الضرورة التي تحتم عليها سنويا توريد النقص الحاصل لتوفير احتياجات البلاد من الغاز والنفط….

أين المراقبة والتدقيق؟

ما يمكن قوله أن تقرير دائرة المحاسبات بخصوص ملف الطاقة خطير للغاية وما تم تدوينه في هذا التقرير بخصوص ملف أنبوب الغاز الجزائري هو الآخر لا يقل خطورة في علاقة بتهاون القيادة السياسية في الدفاع عن مصالح الشعب وفي علاقة بتخاذل المسؤولين الإداريين والحكوميين عن المحافظة على حقوق الدولة عن القيام بالدور المطلوب منهم في عملية الرقابة والمحاسبة والتدقيق حتى لا يتم التحايل على الدولة وحتى لا يتواصل التحايل على هذا الشعب الذي عاني ويعاني إلى اليوم من تاريخ طويل من التحايل.

المطلوب اليوم…

ما هو مطلوب اليوم ونحن على أبواب إفلاس غير معلن وعلى عتبة أن تجد الدولة استحالة في تعبئة خزينتها بعد أن بلغ الدين الخارجي مستويات غير مسبوقة، وبعد أن وصل العجز في الميزان التجاري المتأتي أساسا من العجز الطاقي والعجز الغذائي مستوى مرتفعا وبعد أن تزايد حجم التوريد وبعد أن تراجع الإنتاج والتصدير…
وبعد أن تراجعت المقدرة الشرائية للمواطن وارتفعت الأسعار وبعد أن أصبحت الدولة عاجزة عن خلاص موظفيها وتسديد ديونها وخلاص مزوديها العموميين وبعد ما يشهده العالم من ارتفاع متواصل في أسعار الغاز والنفط نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية…
بعد كل هذا فإنه لزاما على الدولة أن تعيد النظر في خياراتها واستراتيجياتها إن كانت لها استراتيجيات وأن تعيد حساباتها مع الجارة الجزائر بخصوص انبوب النفط العابر نحو إيطاليا في اتجاه تحديد نسبة محترمة من الغاز العابر نحو إيطاليا…
وقبل ذلك وبعده على الدولة أن تعيد النظر في كامل المنظومة الفاسدة التي تتحكم اليوم في قطاع الطاقة والتي تواصل في نفس سياساتها القديمة الموروثة من زمن النظام السابق وأن تعيد النظر في المسؤولين الذين يديرون هذا الملف والذين اتضح أن شبهات فساد تعلقت بهم في إدارة ملف الطاقة والتصرف فيه .. فهل تسمع أو تفهم أو تتحرك القيادة السياسية الحالية ؟؟  

المصدر : الصريح

Load More Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Check Also

قيس سعيد: الإخلاص للوطن ليس شعارا يُرفع والثورة ليست مجرّد ذكرى

قيس سعيد: الإخلاص للوطن ليس شعارا يُرفع والثورة ليست مجرّد ذكرى استقبل رئيس الجمهورية، مسا…