Home أخبار نوفل سلامة يكتب: عندما فجرّ مسلسل ‘براءة’ صدمة الزواج العرفي…وأحرج هؤلاء…

نوفل سلامة يكتب: عندما فجرّ مسلسل ‘براءة’ صدمة الزواج العرفي…وأحرج هؤلاء…

0 second read
2
0

كتب: نوفل سلامة  

أين المشكل في مسلسل ‘براءة’ لصاحبه سامي الفهري الذي أحدث كل هذا الضجيج، وهذا الاحتجاج الذي رافق بث حلقاته الأولى ضمن الدراما الرمضانية لهذه السنة؟

…ولماذا كل هذا الرفض من قبل البعض من النخبة الفنية والمحسوبين على الطبقة الحداثية المستنيرة لمضمونه؟
ولماذا كل هذا الصد العنيف الذي ظهر في مواقف الكثيرين تجاه عمل درامي تعودنا ممن يقف وراءه نقلا صادما للواقع وقبلناه في السابق بل باركنا أعماله واليوم نحتج على أسلوبه في المعالجة الدرامية لموضوع حساس كان من الممنوعات والمحرمات الاجتماعية؟

ليس جديد…

في الحقيقة فإن ما طرحه مسلسل براءة من مواضيع اجتماعية كثيرة ليس بالجديد على المجتمع التونسي ولا غريبا على حديث الشارع واهتمامات أفراده بما يُثار في الفضاء العام يوميا مثله وأكثر منه، ولكن المشكل أو الصدمة التي أحدثها هذا العمل الدرامي هذه المرة أنه تناول موضوعا ظنه البعض قد حسم وانتهى أمره فإذا به يعود من جديد إلى الواجهة وعودته هذه المرة كانت من الباب الكبير من خلال الصورة ومن خلال عمل يعد عند المختصين إبداعا فنيا ، إذا فأين المشكل في هذا السياق من الجرأة الفنية التي تعودنا عليها طيلة سنوات بعد الثورة في أعمال سامي الفهري؟
وأين الخطأ في تناول موضوع يعتقد البعض أنه قد حسم الحديث فيه من الناحية القانونية غير أنه لا يزال يحافظ على مواقعه في المجتمع؟

أين المشكل؟

أعتقد أن المشكل الذي حصل مع تناول مسلسل براءة لقضية الزواج العرفي أو ما يعرف في قانوننا التونسي بالزواج المخالف للصيغ القانونية ليس في طرح الموضوع في حد ذاته ولا في نقل هذا التطور الحاصل في ذهنية المجتمع وسلوكه وتفكيره في علاقة بظهور ظواهر اجتماعية عديدة غير مألوفة أو مخالفة للقانون….
وإنما المشكل الذي هز جانبا من الطبقة الحداثية التي كانت تدافع عن حرية التعبير والإبداع وتعارض من يضع حدودا للفن وتستنكر من يطالب باحترام جملة من القيم و الثوابت أو المقدسات في ما نقوم به من أعمال درامية يفترض أنها تحترم الضوابط التي تحكم المجتمع وتوافق عليها الجميع في كون هذا المسلسل إلى جانب تعرضه إلى ظاهرة تعرف انتشارا كبيرا ويتوسع نطاقها في صمت وهدوء…
وإلى جانب نقله وتصوريه لظاهرة اجتماعية خطيرة تعرف منذ سنوات مناصرة كبيرة من قبل جانب من أفراد المجتمع وقبولا عليها من الجنسين إلى جانب ذلك فقد تجرأ المسلسل بأن طرح موضوع الزواج العرفي في الفضاء العائلي وجعله قضية نقاش وإبداء رأي داخل البيت يتم الحديث فيها بكل حرية أمام الزوجة وبحضور الأبناء وانتقلت بهذه الظاهرة من الممارسة في الخفاء وبعيدا عن أنظار الناس ودون علم الزوجة ومن الممارسة الخفية والمتخفية التي لا يعلمها أحد إلى حديث داخل البيت ومطالبة الزوجة الشرعية أن تقتنع بها و بضرورتها وفوائدها .

صدمة براءة…

الصدمة التي أحدثها مسلسل براءة في الكيفية التي تناول بها قضية انتشار ظاهرة الزواج العرفي والطريقة التي عالج بها ظاهرة الزواج خارج الصيغ القانونية  في تونس…
وفي النقلة النوعية التي أحدثها في الدراما التونسية التي تناولت هذه الظاهرة من الطرح الذي قدمه مسلسل ‘يوميات امرأة’ الذي بثته القناة الوطنية 1 في رمضان سنة 2013 و قام بدور البطولة فيه الفنان “هشام رستم ” الذي اضطره شعوره بالوحدة والملل الذي هيمن على حياته وشعوره الآخر بأنه لا يجد الاهتمام المطلوب ودخول العلاقة الزوجية مع زوجته الأولى ” وجيهة الجندوبي ” في حالة فتور إلى الزواج بثانية ” نادرة لملوم ” وربط علاقة سرية معها ومعاشرتها معاشرة الأزواج بعد أن كان قد بنى معها حياة زوجية خارج الإطار القانوني انتهت بحمل وبكتابة عقد زواج على العرف الجاري…

تعرية الظاهرة

المهم في هذا المسلسل أنه عرى الظاهرة وتحدث عنها لأول مرة في عمل تلفزي درامي بصوت عال وأظهر المخاطر التي تحفها والصعوبات التي تعترض هذا المشروع الذي انتهى بالفشل بعد أن اكتشفت زوجته الأولى الأمر وفشل هو في اقناعها وتبرير دوافعه وأسباب تصرفاته ووجاهة خياراته وشعر بالندم وتأنيب الضمير فقرر العودة إليها رغم أنها رفعت ضده قضية في الطلاق وأثرها على الثانية التي تعرضت إلى حادث مرور أودى بحياتها فتم الصفح والعودة الى الحياة الطبيعية بين هشام رستم ووجيهة الجندوبي.
المهم في هذه المعالجة الدرامية لظاهرة الزواج العرفي أنها بقيت وفية للموقف العام من هذه العلاقة وهو عدم القبول بها بل إدانتها رغم وجاهتها في نظر أصحابها .. لكن الجديد هذه المرة مع مسلسل براءة أن طريقة الطرح والمعالجة مختلفة بما يوحي بأن المسلسل يقيم جسر اعتراف معها و يعتبرها ظاهرة قد أصبحت معتادة ومألوفة في المجتمع بل منتشرة بكيفية لم يعد معها الأمر يحتاج إلى اخفائها وإنما التوجه السليم هو القبول بها وتمكينها من نوع من الاعتراف والشرعية و المقبولية من خلال عرضها بكل وضوح في البيت وبحضور الزوجة لجعلها تقبل بها وتوافق عليها رغم أن القانون يمنعها…

فرض النقاش

المشكل في هذا المسلسل في كون الطريقة والأسلوب الفني الذي تم بهما التطرق إلى ظاهرة الزواج العرفي قد فرض بقوة النقاش في مسألة الموانع والمحاذير التي على الفنان والمبدع احترامها في كل عمل درامي وطرح للحوار مسألة هشاشة القيم المدنية للمجتمع التونسي التي كرستها قوانين الدولة…
واليوم نجدها لا تصمد أمام تطور المجتمع ومسألة حقيقة الإساءة للمجتمع التونسي من خلال طرح قضايا تم حسمها واليوم نراها تعود بفعل التغيرات المجتمعية فهل من الأجدى أن يتم نقلها للناس في عمل مصور ؟ وطرح قضية أخرى لا تقل أهمية وهي هل من الضروري أن تكون الأعمال الدرامية عاكسة بصدق لقضايا المجتمع وتصور حقيقة واقعه المعيش أم أن الفن دوره هو إثارة كل القضايا حتى وأن كانت غير معترف بها في علاقة بالنقد الذي وجه للمسلسل في كونه قد نقل للجمهور قضية الزواج العرفي التي لا تعكس حقيقة المجتمع والشعب التونسي؟

المسلسل أحرجهم؟

المهم في هذا المسلسل في كونه قد أحرج الجهات التي كانت في السابق تدافع عن فن وإبداع محرر من كل قيد ديني أو اخلاقي او مجتمعي أو قيمي وأحرج كل الذين كانوا يعارضون من يطالب باحترام المقدسات الدينية والرموز المؤثرة وما يمثل هوية وثوابت المجتمع في الأعمال الدرامية وبضرورة وجود خطوط حمراء وموانع لا يجوز تخطيها في مثل هذه الأعمال .. المسلسل أحرجهم لأنه وضع مبادئهم على المحك وساءلهم حول معنى فن الواقع ومفهوم حرية الابداع والفن والتعبير التي كانوا ينادون بها..  وبقطع النظر عن القضية المثارة فإن مسلسل براءة قد أحرجهم كثيرا ..

المصدر : الصريح

Load More Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Check Also

مشاهير الانستغرام في تونس قد يخضعون لقانون غسيل الاموال في هذه الحالات

مشاهير الانستغرام في تونس قد يخضعون لقانون غسيل الاموال في هذه الحالات .كشف المحامي ورئيس …