Home أخبار نوفل سلامة يكتب: إشارات وتلميحات و’كلام مبطن’ في تصريحات السفير الأمريكي قبل المغادرة…

نوفل سلامة يكتب: إشارات وتلميحات و’كلام مبطن’ في تصريحات السفير الأمريكي قبل المغادرة…

0 second read
2
0

كتب: نوفل سلامة

قبل مغادرته أرض الوطن بعد انتهاء مهامه الدبلوماسية أدلى السفير الأمريكي دونالد بلوم بحديث مهم في علاقة بالتحول العميق الذي عرفه الوضع السياسي للبلاد بعد حدث 25 جويلية 2021…وما انجر عنه من اتخاذ قرارات مؤثرة كان أخطرها حل الحكومة وتجميد أعمال مجلس نواب الشعب قبل أن يتم حله نهائيا على إثر اجتماع افتراضي لمجلسه الذي صوّت في جلسة عامة افتراضية شارك فيها 129 عضوا على إنهاء العمل بالتدابير الاستثنائية التي قررها الرئيس قيس سعيد….

 إكراهات وضغوط

وهو تصريح يأتي في سياق الانتقادات الغاضبة من الجانب التونسي حكومة وشعبا من التدخل الواضح في القرار السياسي الداخلي والاكراهات والضغوطات التي تمارسها القيادة الأمريكية على الرئيس قيس سعيد لثنيه عن الإجراءات والتدابير الوقتية التي اتخذها ودعوته للعدول عن السياسة التي يتبعها في علاقة بتعثر المسار الديمقراطي ومطالبته بإرجاع الحياة السياسية إلى مسارها الدستوري ووضعها الطبيعي…

في هذا الحديث قال السفير الأمريكي بأن بلاده لا تدعم أي حزب سياسي سواء كانت له مرجعية دينية أو غير دينية في علاقة بالانتقادات التي وجهت للقيادة الأمريكية بأن تحركها بعد 25 جويلية كان من أجل دعم الإسلام السياسي وحركة النهضة التي تمت المراهنة عليها لقيادة المرحلة القادمة وإنما الذي حدد موقفها مما حصل في تونس هو القلق الكبير من تراجع المسار السياسي الذي يعرف في الآونة الأخيرة، تعثرا وتراجعا عن أهدافه…
 وأن الاهتمام الأمريكي مركز بالكلية على ضرورة عودة الحياة السياسية إلى ضوابطها الدستورية وضرورة تشريك كل الأطراف مهما كان صوتها مخالفا للتمشي الجديد للرئيس قيس سعيد لضمان الشرعية والاستمرارية لمسار الإصلاح الاقتصادي ومسار البناء الديمقراطي لذلك كان تقييمنا أن المشهد السياسي في تونس معقد جدا…وهو متحرك بكثافة وسرعة ويكتنفه الغموض المؤدي إلى الانسداد..

الوضع الطبيعي؟

وهذه الصورة تجعلنا نرى أنه لا بد على القيادة السياسية الحالية أن تعود بالبلاد إلى الوضع الطبيعي وإلى قواعد اللعبة الدستورية والحكم الديمقراطي في أقرب وقت ممكن، وهذا المطمح يفترض مشاركة واسعة من مختلف مكونات المشهد السياسي وضمان مشاركة جميع الأطراف الفاعلة من أحزاب سياسية ومنظمات وطنية ومجتمع مدني لتحديد الإصلاحات والاتفاق على الحلول….
ما نريده هو أن يقرر التونسيون ما يرونه صالحا لهم لكن المهم في ذلك هو الاستماع لكل الأصوات وعدم الانفراد بالرأي وفتح المجال للتعبير عن الرأي حتى وإن كان مخالفا ولا يرضينا هذا ما نطلبه وما عبرنا عنه مرارا وفي كل اتصال مع القيادة السياسية التونسية.

تقلبات ومخاطر

وواصل السفير الأمريكي دونالد بلوم بالقول: نحن ننظر بكثير من الإعجاب لنضالات الشعب التونسي من أجل الحرية والديمقراطية والانفتاح، ومن أجل هذه المبادئ فإن دعمنا لتونس سوف يتواصل لمزيد تمتين العلاقات بين البلدين ولمساعدة الدولة التونسية على الخروج من الصعوبات الحالية التي تعاني منها…
نحن ندرك جيدا أن مراحل الانتقال الديمقراطي التي تعيشها الشعوب في فترات من تاريخها عادة ما تكون صعبة ونحن كذلك على وعي تام بأن هذه المراحل تعرف الكثير من التقلبات و تعترضها مخاطر من هنا وهناك، ومحاولات جادة ومؤثرة لإفشالها ومنع وتعطيل نجاحها وهي مراحل قد تتحقق فيها نجاحات كما قد تعتريها خيبات وانتكاسات تؤثر على نفسية الشعوب…
من أجل ذلك فإننا نتفهم ما يحصل للانتقال الديمقراطي في تونس ولنا إدراك واضح بضرورة الوقوف إلى جانب الديمقراطية التونسية وتجربتها الوليدة وملتزمون بتقديم المساعدة لتحقيق هذا المطمح ونجاح الديمقراطية في تونس وتحقيق ما يريده التونسيون من حرية وكرامة…
لقد قدمنا الكثير لتونس ولا نزال وكنا حاضرين في ثورتها في جميع الميادين والمجالات الصحية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية التربوية والسياحية، وفي مجال الاستثمار والبنية التحتية ودعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة لخلق مواطن شغل والتقليل من البطالة ومساعدات للمناطق الداخلية من أجل تحسين حالها وإخراجها من عزلتها وبرامج للشباب لتغيير نظرته للعيش في بلده الأصلي ونظرته للهجرة السرية وبرامج أخرى في مجالات كثيرة…
ويكفي لإدراك الأهمية التي تحتلها تونس في السياسة الخارجية الأمريكية والمساندة التي قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية للثورة التونسية أن نعلم أن حجم المساعدات المالية التي قدمت لتونس قد تجاوزت حدود “بليوني دولار في شكل مساعدات مباشرة أو في شكل هبات وقروض أو ضمانات لقروض…

حتى نفهم أمريكا

ما يمكن قوله في هذا الحديث المرجعي و المهم للسفير الأمريكي عن الثورة التونسية وحتى نفهم الدور الأمريكي في مسار الانتقال الديمقراطي وعلاقته وتأثيره في مجريات الأحداث السياسية التي جدت وتجد والتي تتحكم في اللعبة السياسية داخليا…هو أنه رغم أن أسلوب الحديث التي توخاه السفير بلوم كان متزنا ومتوازنا وتجنب فيه السقوط في الهفوات الاتصالية في علاقة بحدث 25 جويلية حيث لم يستعمل في كلامه مصطلح انقلاب لتوصيف الحدث الذي قلب المشهد السياسي رأسا على عقب، وإنما تحدث بكثافة عن ضرورة العودة السريعة للحياة السياسية المستقرة في ظل المؤسسات الدستورية وهياكلها الرسمية القانونية وضرورة تشريك كل الطيف السياسي والجمعياتي والمنظمات الوطنية في اتخاذ القرار وضرورة الاستماع إلى الصوت المخالف حتى وإن كان منتقدا للتدابير الاستثنائية وضرورة الذهاب إلى الحوار وعدم الانفراد بالرأي وتقرير مصير البلاد بطريقة أحادية دون تشريك…

موقف خفي

فهذا الأسلوب المتعمد والذي تضمن حديثا مكثفا عن القلق من تعثر المسار الانتقالي وعن توقف البناء الديمقراطي وعن ضرورة العودة إلى المؤسسة الدستورية المعطلة وعن تشريك الجميع في رسم الخيارات السياسية والاقتصادية هو في العمق يستبطن رفضا مبطنا لما حصل ويستبطن كذلك توصيفا لما حصل على أنه انقلاب على الدستور…
وعلى المؤسسات الدستورية حتى وإن لم يسمه باللفظ التصريح الواضح وان جاء تلميحا مبطنا يخفي وراءه موقفا من حدث 25 جويلية…

المصدر : الصريح

Load More Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Check Also

وفاة المحامية و ابنة اخ عصام الشابي

وفاة المحامية و ابنة اخ عصام الشابي توفيت ليلة أمس الاستاذة ليلى الشابي المحامية وابنة اخ …