Home أخبار فلاحون يعبّرون: هذه مشاكلنا..وتونس اليوم عاجزة عن توفير أمنها الغذائي…

فلاحون يعبّرون: هذه مشاكلنا..وتونس اليوم عاجزة عن توفير أمنها الغذائي…

0 second read
2
0

‘انتاج الحبوب في تونس و في جهة بنزرت’  كان هذا عنوان النّدوة التّي نظمتها جمعية التنمية والعمل ببنزرت التّي يرأسها الأستاذ عمر البجاوي والتي احتضنها نزل سيدي سالم ببنزرت صبيحة يوم السبت 7 ماي 2022 ….

حيث وضع السيد عمر البجاوي، في كلمته الافتتاحية، هذه النّدوة في إطارها و ذلك بالقول ” أن الكثير يعتقدون أنّ تونس تحقق في اكتفائها الغذائي الفلاحي وربما تصدّر الفائض للخارج، ولكن يبدو و أنّ الحقيقة عكس ذلك تماما بل أنّنا نؤمّن تقريبا نصف حاجياتنا من الحبوب تحديدا عبر التوريد وعليه و قصد شرح هذا الوضع اخترنا موضوع ندوتنا لتكون حول إنتاج الحبوب و دعونا مختصين في الميدان من وزارة الإشراف و المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية ببنزرت الاتحاد الجهوي للفلاحة و ديوان الأراضي الدولية و اتحاد الصناعة و التجارة ببنزرت فضلا عن الإعلام و مجموعة نيّرة من الفلاحين كلّ ذلك من أجل ” تفريك الرمانة ” ثمّ ليحيل الكلمة للمحاضرين شرح هذا الوضع.

مداخلة ممثلة وزارة الفلاحة

بيّنت السيدة نشأت الجزيري بصفتها ممثلة عن وزارة الفلاحة و الموارد المائية و أنّ تونس تعيش أزمة غذاء فلاحي باعتبار عدّة عوامل لعلّ أهمّها، أوّلا الاضطراب الذي يسود الوضع العالمي الذي ينعكس بدوره سلبا على تونس…
وثانيا التغيّرات المناخية التي ساهمت بدورها في تقليص الأراضي الفلاحية وثالثا لوجود عدّة عوامل داخلية من شأنها التأثير على انتاج الحبوب ببلادنا لعلّ أهمّها عزوف الفلاح.
وأمام هذا الوضع تجد بلادنا نفسها مجبرة على توريد حوالي 60 بالمئة من حاجياتها من المواد الفلاحية عموما مؤكدة أنّ تحقيق الاكتفاء الذاتي صعبا في الوقت الراهن خاصة في مجال القمح اللين… ولكن الدولة تتوجه حاليا إلى تشجيع زراعة القمح الصلب عبر تكثيف المردودية بالاعتماد على حزمة تقنية، مضيفة وأنّه من أجل تأمين الغذاء للمواطن تجد بلادنا نفسها مجبرة على توريد ما يلزمها خاصة من الحبوب متحمّلة أسعار السوق العالمية المرتفعة والتي فرضت علينا فرضا خاصة مع اندلاع الحرب بين روسيا و أوكرانيا و بالتالي علينا تغيير وجهتنا نحو أسواق جديد على غرار أمريكا و غيرها في انتظار أخذ كلّ التدابير مستقبلا من أجل تأمين حاجياتنا من مادّة الحبوب خاصّة.

مداخلة ممثل مندوبية الفلاحة

في هذا الإطار قدّم رضا السحباني بصفته ممثلا عن مندوبية الفلاحة ببنزرت  مداخلة خصصت لتقديم فكرة و بالأرقام على الوضعية الفلاحية بالجهة المتعلقة بالحبوب خصوصا، حيث بيّن و أنّ جهة بنزرت تأتي في المرتبة الرابعة على مستوى إنتاج مادة الحبوب و ذلك بتخصيص حوالي 175 ألف هكتار منها 80 بالمئة مخصصة للقمح الصلب، فضلا عن مساهمة بنزرت بنسبة 23 بالمئة من إنتاج هذه المادّة على المستوى الوطني، وفي إطار الاستعدادات للموسم الحالي أوضح ممثل مندوبية الفلاحة ببنزرت و أنّ نسبة تهيئة مراكز التجميع لصابة هذا الموسم هي جاهزة حاليا بنسبة 65 بالمئة منها  في انتظار تهيئة بقية مراكز التجميع الباقية، معرجا على أنّ  جهة بنزرت لم تتحصل خلال هذا الموسم من المستلزمات الفلاحية و خاصة مادة “الأمونيتر”  إلاّ في حدود 85 بالمئة من حاجيات الحقيقية و هذا له تأثير سلبي على المردودية بالجهة حسب رأيه.
مضيفا و أنّه توجد على ذمة الجهة 325 آلة حصاد و 750 طن من تل الربط و 27 مركز تجميع للحبوب منها 16 مركزا جاهزا حاليا مؤهلا لاستقبال الصابة.

مداخلة ممثل اتحاد الفلاحين ببنزرت:

في مداخلته أكّد أيّوب الكعبي بصفته ممثلا عن اتحاد الفلاحين و أن تكلفة الهكتار الواحد من الحبوب هي في حدود 3 آلاف دينار ممّا يجعل الفلاح ـ بدلا من تحقيق أرباح ـ يجد نفسه في وضع لا يحسد عليه خاصّة أمام شطط أسعار المستلزمات الفلاحية التّي لا يتمكن الفلاح المتوسط من مسايرتها مؤكدا و أنّ على الدّولة أخذ بعين الاعتبار للتكلفة الحقيقية للهكتار من الحبوب عند تحديد ثمن قبول الصابة. كما اقترح ممثل اتحاد الفلاحين أيضا النظر في إمكانية تجميد أسعار المستلزمات الفلاحية على الأقل لموسمين حتّى يلتقط الفلاح أنفاسه

حوار بنّاء:

تساؤلات الحضور كانت عميقة و كثيرة و تدّل على حيرة حقيقية لديهم و التي تمحورت حول العديد المسائل نحوصلها كما المحاور التالية :
*القطاع الفلاحي هو قطاع استراتيجي و حيوي و يمس الأمن القومي الغذائي للتونسيين و بالتالي هذا القطاع الاستراتيجي لا يمكن في أيّ حال من الأحوال خاضعا سواء للأهواء السياسية أو للوبيات المختلفة داخليا و خارجيا باعتبار و أن القطاع الفلاحي لها أهميته سواء في تأمين الغذاء و في امتصاص البطالة و مساهمته في تقليص عجز ميزاننا التجاري ( تصدير زيت الزيتون و التمور وغيرها من المواد ).و بماذا نفسّر تراجع مساهمة القطاع الفلاحي في الناتج المحلي الإجمالي من 17 بالمئة إلى 8 بالمئة في أواخر الموسم الفلاحي الفارط إلى جانب تواصل تفاقم العجز في تغطية الواردات الغذائية بحوالي 30 بالمئة عموما.
*تونس هل هي فعلا مطمور روما أم هذه كذبة تاريخية أخرى انطلت علينا؟ فكيف هذا المطمور يصبح عاجزا حتّى على تأمين الغذاء لتونس و بالتالي على الدولة – إذا أرادت فعلا تأمين حاجياتها و تأمين الأمن الغذائي لشعبها – أن توفر الأمونيتر بصفة مجانية أو على الأقل تقديمه للفلاح في بداية الموسم الفلاحي و عند الصابة يتم  طرح تكاليفه من عائدات الفلاح عند تقديم محاصيله فضلا عن إمكانية بيع محصوله بالأسعار العالمية.
*توريد البذور و غياب تأطير الفلاح و متابعته على عين المكان بالإرشاد و التأطير من أسباب تردي الإنتاجية وبالتالي كما بيّن أحد الفلاحين تجربته أنّه بعد أن انتدب أحد المهندسين الفلاحيين على كاهله قفزت المردودية لديه إلى 50 قنطار في الهكتار الواحد.
*الفلاحة علم وتجربة و لم تعد إدارتها بالطرق الرعوانية مجدية فلا بدّ من اتباع الحزمة الفنّية اللازمة خاصة وأن جهة بنزرت مؤهلة لتحسين المردودية في انتاج الحبوب باعتبار التساقطات المطرية الهامة بالجهة و التي تصل إلى 400 مم سنويا.
*اقتراح إمكانية الاستنجاد بالإطارات الفلاحية المحالة على شرف المهنة في حالة الطوارئ وهي التي راكمت العديد من التجارب على غرار ما يحصل في الجيش الوطني فلماذا لا تكون هذه الكفاءات في خدمة الفلاحة عند الحاجة.
*تسييس المنظمات الوطنية عموما أحد أسباب تراجع المردودية و ذلك في انشغال هذه المنظمات في التذيل إلى هذا اللون السياسي أو ذاك… والاهتمام بالمناكفات الهامشية وذلك يجعلها لا تتفرغ للمشاكل الحقيقية و الأساسية التي تمس القطاع الفلاحي على غرار تأطير الفلاح و الدفاع عن مصالحه و الاهتمام بما ينفع الفلاح و الفلاحة عموما.
*الإجراءات الإدارية المتشعبة خاصة عند اقتناء مادة الأمونيتر و غياب الإرادة الصادقة في تغيير سياستنا الفلاحية التي لم تتغيّر منذ السبعينات و الابتعاد عن تنفيذ حومة التقنيات في المجال الفلاحي على غرار التداول الزراعي مما أنهك التربة وعدم صيانة و اصلاح المنظومة المائية و اهمال المناطق السقوية كلّها تمثل عراقيل أمام تطور القطاع الفلاحي و خاصة في مجال الحبوب .
*عدم استغلال الطاقة الشمسية في بلادنا لتحلية مياه البحر مع ندرة المياه في بلادنا في بحر العقود القادمة و عدم التوجه – كما فعلت الصين – بالتوجه إلى العمق الإفريقي خاصة مع تواجد العديد من الأراضي الفلاحية التي مازلت بكرا و العمل على استغلال هذه الأراضي عبر الكراء كما تفعل الصين كلّ هذا سيجعل من بلادنا لا تؤمّن أمنها الغذائي فقط بل ستصبح مصدرة للمواد الفلاحية عبر العالم…
ولكن هذا ينبني على تخطيط يجيب على سؤال واحد ماذا نريد من القطاع الفلاحي؟ هل نريد أن نجل منه قطاعا مهمشا حتّى تهددنا المجاعة و نعتني بقطاعات أخرى هشة على غرار القطاع السياحي الذي يتطلب الكثير من الاستثمارات فضلا عن استهلاك المياه، في حين يبقى قطاعا هشا ويتأثر بأغلب الأزمات لتبقى النزل خالية و البطالة تجتاح عملة هذا القطاع؟

مواكبة: الأمين الشابي

المصدر : الصريح

Load More Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Check Also

الحفاظ على الدعم من أهم توجهات قانون المالية لسنة 2025

الحفاظ على الدعم من أهم توجهات قانون المالية لسنة 2025 أشرف رئيس الحكومة كمال المدّوري يوم…