كتب: محمد صلاح الدين المستاوي
فهم قاصر ومحدود تصور أن البر والاحسان يتمثل في بناء المساجد (وتحبيس نسخ المصاحف التي لا تكاد تجد من يتصفحها)…
انه ذلك ولكن ليس سوى ذلك..انه اشمل واوسع من ذلك.
*لاشك ان من يبني لله مسجد له اجر عظيم .
ولكن اي مسجد
* انه المسجد حيث لا يوجد مسجد.
-وليس المسجد الذي لا يبعد عن المسجد الاخر الا مئات الامتار وكل منهما في غير صلاة الجمعة لا يكاد يكتمل فيه الصف والصفان في الصلوات الخمس.
-وليس المسجد الذي يسرف في تزويقه وتاثيثه وتنويره بالثريات الفاخرة ووو.
نعم ان بيوت الله ينبغي ان ترفع (بكل معاني الرفعة وبكل مظاهرها بشرط عدم الاسراف والتفاخر والتباهي فكل ذلك من محبطات الاجر والثواب).
*الذين لا ينبغي اهمالهم وعدم الالتفات اليهم والاهتمام بهم
*هم بعض المسلمين ممن هم حول من افاء الله عليهم من اهل البر والاحسان .
*هم اولئك اليتامى وفاقدي السند والارامل ممن لايجدون ابسط ضروريات العيش من ماكل وملبس و دواء ويعجزون عن دفع كراء البيوت التي يسكنون فيها هم وأفراد عائلاتهم.
* وهم المرضى الذين لا يجدون بماذا يشترون ادوية لامراضهم المزمنة..
*وهم اولئك التلاميذ والطلبة الذين يضطرون للانقطاع عن طلب العلم لا لشيء الا لان اسرهم لا تجد بماذا توفر لهم لوازم مواصلة الدراسة ماكلا وسكنا و مصاريف نقل ووو).
*هذه الفئات وما اكثرها بيننا هم من يجب الوقوف الى جانبهم وتفريج كروبهم وكفكفة دموعهم وإدخال السرور على قلوبهم .
* هؤلاء هم من ينبغي علينا ان نهتم بهم ( ومن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم).
* هؤلاء هم من اذا رحمناهم يرحمنا الله.
*هؤلاء هم من ينبغي علينا ان نخصهم بالصدقة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (تخيروا لصدقاتكم كما تتخيرون لبناتكم)…وليس محترفي السؤال وما اكثرهم وما اكثر حيلهم واكاذيبهم انهم طوابير على ابواب المساجد وفي مفترق الطرقات.
*رحم الله شيوخا بررة ومحسنين من ذوي البر والاحسان ادركناهم وما بالعهد من قدم نذكر اسماء بعضهم واخرين غيرهم لاشك مثلهم كانوا على هذا النهج القويم والفهم الصحيح لمعنى البر والاحسان.
*انهم شيوخ الزيتونة البررة حسن الخياري وحسن الورغي والطيب التليلي والحبيب المستاوي والشيخ عبد العزيز الزغلامي والشيخ مصطفى الغربي والشيخ الناصر الباهي والشيخ محمد الشاذلي النيفر رحمهم الله والذين كانوا ومن حولهم ثلة من المحسنين نذكر منهم الحاج الشاذلي بورقيبة والحاج قاسم بورقيبة والحاج عمران المزابي والحاج عمر بن حمزة والحاج ساسي بن ساسي الحاج محمد هلال وغيرهم رحمهم الله واجزل اجرهم.
*كان اولئك الشيوخ واولئك المحسنون يشترون الدواء للمرضى.
*(فعلوا ذلك مع كثيرين نذكر منهم فضيلة الشيخ عبد الرحمان الحفيان رحمه الله فقد كانوا يتكفلون بمصاريف علاجه المكلفة ويتكفلون بمصاريف سفره الى مصر لينهي شهادته في الازهر الشريف وذلك قبل ان يلتحق الشيخ عبد الرحمان رحمه الله باذاعة الزيتونة ولم يكن للشيخ عبد الرحمان من دخل سوى المنحة التي كان يتقاضاها من الشؤون الدينية ومن مدرسة عمر ابن الخطاب بسكرة وكانت لاتكاد تفي باقل الحاجات – كنت على ذلك شاهدا).
*و كانوا رحمهم الله يصرفون للعائلات المعوزة (بحق) منحا شهرية و يتكفلون بتوفير حاجات تلاميذ المدارس وطلبة الجامعات من التونسيين وغير التونسيين وطلبة تونسيين كانوا يدرسون في بلدان افريقية تخرجوا بعد ذلك وعادوا الى تونس وتولوا وظائف وارجو ان لا ينسوا من اسدوا لهم ذلك المعروف بخالص دعائهم علما بأن الله لا يضيع اجر من احسن عملا).( وكنت شاهدا على بعض من ذلك).
*انه الفهم الصحيح لمعنى البر والاحسان في معناه الشامل الواسع والمجسم لقيمة الرحمة التي هي من علامات ومظاهر ومقتضيات معنى الاخوة (انما المؤمنون اخوة).
وهو الفهم الواسع للبر الذي فهمه بعض المحسنين بتاطير واحاطة من شيوخ بررة من شيوخ الزيتونة رحمهم الله.
*اجزل مثوبتهم فقد كانوا ( الشيوخ والمحسنون)مثالا للورع ونظافة اليد والاخلاص بما تعنيه كلمة الاخلاص من معان.
*اولئك( اسيادي) فجئني بمثلهم.
*اولئك هم من كفكفوا دموع الاعين الباكية وادخلوا السرور على القلوب الحزينة المكلومة.
*اولئك (في غير هذا الزمن الذي نحن فيه ) هم من احتسبوا الا جر والثواب من الله ومن الله فقط.
*اولئك هم من اذا ذكرناهم وتذكرنا بما بذلوا وما عانوا تضاءلنا امام قاماتهم العالية. قلنا( وفي الليلة( ) يفتقد البدر.).
*اللهم اجزل مثوبتهم وعظم اجرهم وارفع ذكرهم واهد من جاؤوا بعدهم للنسج على منوالهم في البذل والعطاء والرحمة للضعفاء باخلاص وتجرد برحمتك يا ارحم الراحمين.
المصدر : الصريح
