Home أخبار المدينة العتيقة بسوسة: ”بودريقة”.. نقاش يصارع للحفاظ على الحرفة

المدينة العتيقة بسوسة: ”بودريقة”.. نقاش يصارع للحفاظ على الحرفة

0 second read
2
0

بمجرد أن تطأ قدمك نهج باريس من المدينة العتيقة بسوسة،  تسمع على بعد مسافة ليست بالقصيرة، طقطقات متناسقة ومتناغمة لآداتي المطرقة والمسمار، فتعلم حينها أنك على مقربة من دكان متخصص في النقش على النحاس. 

ما إن وصلت  قرب مصدر الصوت، وجدت كهلا جالسا على كرسي خشبي أمام دكانه يطوع طبقا نحاسيا أملس،على منضدة خشبية،بسلطة مطرقته ومسماره، كنت ألقي عليه التحية و لكنه لم ينتبه لي فقد أصمّ الايقاع المتواصل آذانه و غرقت مخيلته في تلك الرسومات و الخطوط التي يرسمها بقيد أنامله حتى تجرد ممن حوله . 

وبمجرد إكمال عمله بادلني بمثل تحيتي وسارع بالقول ‘ لا مجال للخطأ في عملنا… النقش والزخرفة  تتطلبان  تركيزا و إتقانا حتى نتحصل في الأخير  على قطعة فنية ذات جودة تلبية لأذواق الحرفاء .

عم المولدي بودريقة صاحب دكان ( النقش على النحاس) بالمدينة العتيقة يرى أن هذه الحرفة كانت محل إقبال مطرد  من السياح الأجانب والعرب في فترة ما بين الستينات والسبعينات لكنها تراجعت بشكل ملحوظ  في السنوات الأخيرة وخفت بريقها جراء غزو منتوجات الصناعات التقليدية المستوردة  للأسواق والتي أصبحت تنافس المنتجات المحلية، وقبلة للحرفاء بسبب إنخفاض أسعار العرض.

ويقول محدثنا إن مهنة النقش على النحاس تواجه  تحديات كبرى  قد تدفعها نحو الزوال أهمها غلاء تكلفة النحاس الذي تضاعف 5 مرات منذ 2011 وفق تأكيده. 

يضاف الى ذلك   أزمة القطاع السياحي التي زادت في تعميق مشاكلهم وساهمت  في تراجع عدد الزبائن من الأجانب خاصة الجزائريين ومرد ذلك الوضع الوبائي الذي تشهده تونس على غرار بقية بلدان العالم . 

يشير عم المولدي إلى أن عددا من الحرفين ممن يتوقعون خطر  إندثار هذه المهنة في قادم السنوات أجبروا على غلق محلاتهم بعد أن  تراكمت ديونهم واضطروا لتغيير أنشطتهم، فيما مازال البعض الآخر يصارع البقاء و الإستمرار . 

هو  ممن اختار البقاء و الحفاظ على هذا الإرث من الزوال ولم تثنه الصعوبات و القول بأن هذه الحرفة في حالة إحتضار عن ممارسة شغفه بفن النقش والحفر على النحاس  بالعشق ذاته الذي تمكن منه منذ  50 عاما .

يتابع عم المولدي ‘ مهنتي جزء لا يتجزأ من حياتي اليومية…كيف لا وهي التي وفرت لعائلتي المتكونة من سبعة أفراد العيش الكريم وساهمت في نجاح وتفوق بناتي…

إنقطع عم المولدي عن التعليم سنة 1967 رغم تفوقه الدراسي، وقرر إثر ذلك التخصص في النقش والحفر على النحاس لا سيما وأنه  إكتشف موهبته في الأعمال اليدوية منذ نعومة أظفاره.

يقول عم المولدي إن الأعمال اليدوية كانت تستهويه كثيرا منذ أن كان يانعا مما سهل له الولوج الى عالم النقش والزخرفة  في سن 16 عاما 

وعن خطواته الأولى ، قال عم المولدي إنها كانت صعبة كأي بداية لكن سرعان ما تجاوزها خصوصا  وأنه قد  حظى بتأطير ومتابعة  أحد الحرفيين القدامى الذي علمه خفايا المهنة وأدق تفاصيلها. 

فكان عم المولدي نعم التلميذ يتابع ويراقب بإمعان عملية الحفر والنقش على الأواني والأباريق والأطباق النحاسية الى أن إشتد عوده و أصبح متمرسا في مسك المطرقة والمسمار بطريقة جيدة وخبيرا في  اختيار الاشكال والزينه المناسبة لتزويق القطع النحاسية حسب الطلب   عندئذ أوكلت له مهمة نقش إسم حريف على طبق أملس ونجح في ذلك الاختبار بشهادة صاحب المحل. 

ومنذ ذلك الحين صارت توكل إليه عدة أعمال في فن النقش على النحاس الى أن قرر الانتصاب لحسابه الخاص بمحل بالمدينة العتيقة .

إيناس الهمامي 

المصدر : موزاييك ف م

Load More Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Check Also

بنزرت: القبض على تكفيري مفتش عنه ومحكوم بـ8 سنوات سجنا

بنزرت: القبض على تكفيري مفتش عنه ومحكوم بـ8 سنوات سجنا تمكنت دورية تابعة لوحدات الأبحاث ال…