أكّد الكاتب العام المساعد بالاتحاد الجهوي للشغل بالقصرين محمد الصغير سايحي، في تصريح لموزاييك، اليوم الجمعة 11 نوفمبر 2022، إشراف المواد الأولية لصناعة الورق بمعمل الحلفاء على النّفاذ، ما يعيق حلقة إنتاج الورق إنطلاقاً من يوم غد السبت، إذا تواصل الإنتاج يومي الجمعة والسبت بالمعدّل نفسه.
وأشار السايحي إلى ضرورة المحافظة على استمرارية المؤسسة عبر تفعيل الدراسة الاستراتيجية لإعادة هيكلة المؤسسة التي شارك فيها اتحاد الشغل، وإطارات المؤسسة. وتتضمن الدراسة حلولاً لكلّ مشاكل معمل الحلفاء وأهمّها التطهير المالي والاجتماعي للمصنع، وتجديد المعدات، وإعادة جدولة الدّيون.
مجهودات من الإدارة العامة والاطارات والعمال والوزارة لكن…
كانت عودة إنتاج معمل الحلفاء للورق، يوم 14 أكتوبر المنقضي، تتويجاً لماراطون خاضته الإدارة العامة ووزارة الصناعة، خصوصا للتسريع في تركيب المرجل الحراري، القادم من إيطاليا، بأيادي مهندسي وعمال المؤسسة. لكن محدودية المواد الأولية أعادت شبح توقّف الإنتاج للبروز، خصوصاً، مع عدم امتلاك المؤسسة للأموال المتداولة، ومع إشكاليات التوازنات المالية العمومية.
وعلمت موزاييك أن الكميّات المتبقية من المواد الأولية هي في حدود الـ100 طنّ، وهو ما يكفي ليومين من الإنتاج، إذا ما تمّ المحافظة على 50 طنّ كمعدّل إنتاج يومي(يمكن تواصل الإنتاج لمدة أطول إذا ما تم التخفيض في معدله).
وقد أعلمت الشركة عبر صفحتها على فيسبوك أمس الخميس “أن انتاج الورق متواصل بصفة مسترسلة ولن يتوقف. وأنّه سيتم إحداث مشاريع جديدة في إطار تثمين نبتة الحلفاء واحداث عدد هام من مواطن الشغل”.
وأنتجت المؤسسة ما يناهز ال 1400 طن من الورق، إلى حدود الساعات القليلة الماضية، وفي أقل من شهر منذ عودة دوران المصنع، وهو ما اعتبرته عدد من المصادر، إنجازا، في حد ذاته، بسبب تقادم المعدات ومحدودية الموارد.
محاولات لإنتاج عجين الحلفاء المطلوب لاستعمالات عديدة في العالم
وأمام حتميّة توقف إنتاج الورق بإنتهاء المواد الأولية من ألياف الخشب الضرورية لإنتاج الورق، تحاول الإدارة العامة للمؤسسة تشغيل حلقة الحلفاء لإنتاج عجين الحلفاء المطلوب في العالم لاستعمالات متعددة، بعيدا عن الورق، كالأوراق النقدية والمجالات الإلكترونية والطبية أو التبغ، لعدم إمكانية استعمال عجين الحلفاء بصفة كلية لإنتاج الورق، لأسباب تقنية بحتة، إذ لا يمكن أن يكون عجين الحلفاء مكوّنا رئيسيا لإنتاج الورق، ما يجعل ألياف الخشب، المستورد، مادّة لا غنى عنها لصناعة الورق، إضافة إلى الإمكانيات المادية التي تتطلبها تهيئة المعدات الخاصة بعجين الحلفاء، والتي تبلغ 11 مليون دينار، وفق ما فسره خبراء لموزاييك.
وتمتلك الشركة حوالي 9000 طن من مخزون الحلفاء الذي يمكن أن ينتج 3000 طن من عجين الحلفاء.
توقف إنتاج الورق لن يقلّ عن الشهرين:
وأوضحت مصادر موزاييك أن توقّف إنتاج الورق في الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق، قد يتراوح بين 60 و90 يوماً، وهي المدة التي تتطلبها مراحل صفقة استيراد الألياف الخشبية من النمسا أو البرازيل، بسعر يقارب ال4500 دينار للطنّ الواحد. مع احتياجات المؤسسة المقدرة ب2000 طن من ألياف الخشب لصناعة 2000 طن من الورق شهريا، من أجل بلوغ ذورة الإنتاج المقدرة بما يناهز ال 20 ألف طن من الورق سنويا.
كلفة بيع تقل عن كلفة الإنتاج ومقترح للبيع بسعر السوق
من بين المقترحات المقدمة لوزارة التجارة لحلحلة إشكاليات الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق هو البيع بسعر السوق، والمحدد بحوالي 5000 دينار للطن الواحد من الورق، خصوصا وأن سعر الورق المدعّم هو في حدود 1850 دينار للطن الواحد، وهو ما يعتبر أقل من كلفة الإنتاج.
وتنتظر المؤسسة قرار وزارة التجارة من أجل البيع بسعر يمكّن من اقتناء مواد أولية تؤمّن استمرارية الإنتاج داخل المؤسسة. إضافة إلى ما يمكن أن ترصده الدولة للمؤسسة، خصوصا بعد تجربة إستيراد الورق للعودة المدرسية، الذي كبد المالية العمومية أموالا بالعملة الصعبة كان بالإمكان ترشيدها وتوفيرها.
وأشارت المصادر ذاتها إلى قيمة خسائر الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق كفارق بين البيع بالسعر المدعم والبيع بسعر السوق، أو حتى بسعر التكلفة، قد بلغ 208 مليون دينار.
ونالت الشركة سابقاً، حوالي 270 مليون دينار، كقروض خزينة، منذ سنة 2009، من الدولة، وكان من المفروض أن تسند هذه المبالغ على كونها منح التوازن للمحافظة على عمومية الشركة، وفق ما شرحه الخبراء.
الحلّ الجذريّ
وأشارت مصادرنا إلى أن الحل الجذري يكمن في تفعيل الدراسة الاستراتيجبة لإعادة هيكلة المؤسسة بكلفة تناهز 108 مليون دينار، منها 54 مليون دينار استثمارات استعجالية على المدى القصير، مع توفير اعتمادات اقتناء الألياف الخشبية، اللازمة لصناعة الورق، وبيع منتوجات المصنع من الورق بسعر السوق.
وتتضمن الدراسة الإستراتيجية تطهير مالي واجتماعي، وإعادة جدولة الديون، وإدماج ديون المؤسسة لدى الدولة في رأس مال الشركة.
*برهان اليحياوي
المصدر : موزاييك ف م
