Home أخبار عائدة عبد الحميد تكتب: ليالي الفقد تشعل حنيني اليك…للطبيعة أحكام لا يتيسر لنا أن نحاربها

عائدة عبد الحميد تكتب: ليالي الفقد تشعل حنيني اليك…للطبيعة أحكام لا يتيسر لنا أن نحاربها

0 second read
2
0

كتبت: عائدة عبد الحميد

تحرص الطبيعة على أن تدفع كل فرد في سياق تعاقب الأجيال الى أن يترك مكانه للاخرين ويعود الى حيث كان…ذلك هو قانون الطبيعة الذي يجب علينا أن نتصالح معه بناء على أننا لا نستطيع أن نغير شيئا منه…

الصمود مطلوب في وجه انتصار الموت…ولكن لا يتيسر لنا ان نحارب الموت…هناك من يرى أن موت احد طرفي الثنائي أي الزوج والزوجة لا يهدم الوحدة ..فهي تظل قائمة ما دام الشريك الذي هو على قيد الحياة يضمن بقاء الميت ويتعامل معه كان الموت لم يمسسه…يصبح اذاك الحضور الروحي للميت يرافق الشريك حتى في الأوقات الصعبة…

خلال هذه الفترة الصعبة زرت قبر الراحل مرات عديدة…كانت لحظات دافئة..القبر امامي وحضور الراحل بدا لي ماثلا في حضور حسي …كأنه يتحدث اليّ..كعادته .. كأنني أرى الابتسامة على ملامحه تنير وجهه وهو كعادته يحدثني كحكيم ..يستعين بقوة إيمانه ليقول لا شيء يدوم ..الدوام لله وحده.. ولكل امر أجله…

لحظات خاطفة

كانت لحظات احتواء خاطفة اسعدتني ..كأنه لم يمت ..بدا حضوره الحسي قويا ماثلا أمامي …كل الأيام التي مرت على غيابه بدت كأنها لحظات بل كأنها ثوان لا تُذكر…يخيّل اليّ أحيانا انه لا يزال حاضرا بيننا ..هناك من يقول إن الموت لا يعني اللاوجود ..ولكنه عتبة نحو الاتساع…والدليل على ذلك أن جثة الميت تتفتت غبارا عبر السنوات وفي هذا التفتت يرى البعض تخليصا للكيان الجوهري من أسر هذه الدنيا الفانية هي الأخرى…
هناك من يرى الموت انقطاعا للتبادل بين الحافز الداخلي والحافز الخارجي.. أي بين النفس والعالم .. والموت يرونه كالنوم.. بل هناك من يقول ان النوم سبات يخلد إليه الناس في انتظار ان يستأنفوا عملهم النهاري .. يستوي نهارهم مع ليلهم.. فهو إما أن يكون ليلا مفيدا او ليلا مؤذيا…

الحب أقوى من الموت

والمعيشة في بعدها الإنساني تنشر المشاركات المتبادلة والتعاطف الودي وحضور الفرد حضورا ودودا بجانب الاخرين…ان عالم الشعور هو الفضاء الذي تسكنه الإنسانية أي الفضاء الذي يكذّب أوهام النور الكاذب …أن نظام الشعور ينبني على إنكار المسافة فالحب اقوى من الفضاء و كذلك هو اقوى من الموت…فحيثما يسعى ذهننا الى بسط السيادة لفائدة نظام نهاري يدفع مشاعرنا الى إلهام المحبة المتصاعدة من أعماق اللاوعي…فضاءات اللاوعي هذه منها تنبثق جذورنا واليها ونعود..حين نبلغ مرامنا من الكمال.. إن عالم الشعور هو الفضاء الذي تسكنه الإنسانية ..وفي ظل هذا الحنين المتراكم الى هذا الذي نتعلق به يتحرر كياننا بأكمله ليتمسك بهذه المشاعر التي تتضاعف في ساعة ليلية أشد عمقا في رمزيتها..

الإدراك النهاري

هناك من يقول ان الاشعاع القمري يجمع الكائنات بدلا من ان يفرق بينها ..وهو يغمرها بضوئه المنساب الذي ينشأ أثيرا ملائما لتوالد الموجات الموحدة و المتآلفة و الضامنة لوحدة الكون في صدى موسيقي نسمعه على أوتار هذه الحياة النفسية حين تظهر أشعة القمر في سناها. المشرق.. والمتكاثر.. وإذا كان الإدراك النهاري يدفعنا الى أن نعيش في الكون الفيزيائي فإن الحلم نراه متحررا من رقابة الذهن النقدية فهو بعيد عن الضغوط الاجتماعية ولا صلة له بهذه الضغوط في الحلم حتى في حلم اليقظة..هناك انفلات من رقابة الوعي وكذلك اللاوعي …

لا شيء يفنى…

حينها تظهر شخصية بديلة ..هنا يصبح اللاوعي هو مفتاح الوعي ..ويغوص هذا الوعي ليصل الى منابع الكيان الحقيقي …واذا بدا لنا أننا لا نعيش إلا في ظل الوعي فذلك غير صحيح لأن الفهم الحقيقي يستمد قدراته من الكيان كله ليمس الإدراك الذي هو أكثر دقة من التعقل وملكاته.. الموت يعتبره البعض عودة إلى حضن الكيان الكوني الذي تذوب فيه الهوية الشخصية. إنها وضعية لا يقظة بعدها. او لنقل إنه تدرب على حياة جديدة لا حدود لها منها أتينا وإليها نعود…أما حياة اليقظة فما هي انتقال يعبر بالنفس من اللاوعي السابق إلى اللاوعي اللاحق فيتحول الغياب إلى حضور لأنه وحسب حكمة الطبيعة لا شيء يفنى أو يضمحل.

المصدر : الصريح

Load More Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Check Also

تدشين وحدة جديدة لتقصّي سرطان الثّدي بالمستشفى الجهوي خير الدين

تدشين وحدة جديدة لتقصّي سرطان الثّدي بالمستشفى الجهوي خير الدين شهد المستشفى الجهوي بخير ا…